اللاجئون الأزواديون في موريتانيا: معاناة متزايدة وسط أزمة الغذاء وتوقف المساعدات.

في ظل التحديات الإنسانية والمناخية المتزايدة، حذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من كارثة غذائية تهدد ملايين الأشخاص في منطقة الساحل. وأوضح البرنامج في تقريره الأخير أن نقص التمويل قد يؤدي إلى تعليق المساعدات الغذائية لنحو 3 ملايين شخص بحلول يونيو 2025، ما لم يتم تأمين دعم مالي عاجل بقيمة 620 مليون دولار.
أوضاع متدهورة وتحديات متفاقمة
تعاني منطقة الساحل، التي تشمل دولاً مثل بوركينا فاسو ومالي والنيجر وتشاد وموريتانيا، من تدهور حاد في الأوضاع الإنسانية بسبب الجفاف المتكرر وانخفاض معدلات الأمطار، مما أثر على المحاصيل الزراعية وأدى إلى ارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي. وتفاقم هذه الأزمة التغيرات المناخية المستمرة والنزاعات المسلحة، مما يزيد من معاناة السكان، لا سيما في المناطق الريفية.
في تشاد، أدى تدفق آلاف اللاجئين السودانيين الفارين من النزاع في دارفور إلى تفاقم الوضع الإنساني، حيث من المتوقع أن يصل عدد المتضررين من الجوع إلى 4.2 مليون شخص خلال موسم الجفاف المقبل، بزيادة 200% عن عام 2020.
أما في نيجيريا، فإن الوضع لا يقل خطورة، إذ يعاني 33.1 مليون شخص من نقص حاد في الغذاء، خاصة في شمال شرق البلاد الذي يشهد صراعات مستمرة. وتشير التقديرات إلى أن 4.8 مليون شخص في هذه المنطقة يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وفي موريتانيا، تزداد الأوضاع تعقيداً مع وصول مئات الآلاف من اللاجئين الأزواديين إلى مخيمات اللجوء، هرباً من المجازر التي ارتكبها الجيش المالي ومرتزقة فاغنر في أزواد بين سبتمبر 2023 وفبراير 2025، إضافة إلى آخرين لا يزالون في المخيمات منذ عام 2012. هؤلاء اللاجئون مهددون بشدة بوقف المساعدات الغذائية.
خطر توقف المساعدات الإنسانية
بسبب نقص التمويل، أعلن برنامج الأغذية العالمي أنه سيضطر إلى تعليق المساعدات الغذائية لنحو مليوني شخص اعتباراً من أبريل 2025، مما سيؤثر بشكل مباشر على اللاجئين السودانيين في تشاد، واللاجئين الماليين في موريتانيا، بالإضافة إلى النازحين داخلياً والفئات الأكثر ضعفاً في بوركينا فاسو ومالي والنيجر.
ووفقاً لتقرير “الإطار المنسق” الصادر في ديسمبر 2024، قد يواجه أكثر من 52 مليون شخص في غرب ووسط إفريقيا جوعاً حاداً بين يونيو وأغسطس 2025. ومن بينهم، 3.4 مليون شخص في وضع حرج بمنطقة الساحل، و2600 شخص في شمال مالي يعيشون في ظروف مجاعة كارثية.
دعوة عاجلة لدعم دولي
أمام هذه الأزمة المتفاقمة، وجه برنامج الأغذية العالمي نداءً عاجلاً لتوفير 620 مليون دولار لضمان استمرار عملياته الإنسانية خلال الأشهر الستة القادمة. وأكدت مارغو فان دير فيلدن، المديرة الإقليمية للبرنامج، أن “تخفيض المساعدات الخارجية يمثل تهديداً كبيراً لعملياتنا في غرب إفريقيا، خاصة في منطقة الساحل ونيجيريا”.
وحذرت من أن انعدام الأمن الغذائي ليس مجرد أزمة إنسانية، بل يشكل تهديداً للاستقرار الإقليمي، حيث قد يؤدي إلى تصاعد النزاعات وعدم الاستقرار السياسي. ودعت المجتمع الدولي إلى تقديم دعم سريع ومرن لمنع تفاقم الأزمة.
إنقاذ الأرواح مسؤولية عالمية
تعكس أزمة الغذاء في الساحل ونيجيريا التأثيرات الخطيرة للتغيرات المناخية والنزاعات المسلحة على حياة الملايين. إن إنقاذ هؤلاء الأشخاص من الجوع ليس مجرد واجب إنساني، بل استثمار في استقرار المنطقة بأكملها. يجب على المجتمع الدولي أن يتحرك الآن لتوفير التمويل اللازم ودعم الجهود الإنسانية قبل فوات الأوان.