صوت الحق
أخبار أزواد

الجرائم العسكرية في مالي : معاملة سيئة للتجار وابتزازهم لصالح مرتزقة فاغنر في تومبكتو

منذ عام تقريبًا، شهدت مدينة تمبكتو في منطقة أزواد سلسلة من الانتهاكات والابتزازات التي تطال التجار العرب والطوارق، نفذها ضباط من الجيش المالي بالتواطؤ مع مجموعة فاغنر الروسية. هذه الممارسات، التي تستهدف التجار المحليين، تتراوح بين التهم الملفقة والاعتقالات التعسفية، وتؤدي إلى دفع التجار لفرصة النجاة عبر دفع رشاوى ضخمة.

الجرائم العسكرية في مالي : معاملة سيئة للتجار وابتزازهم لصالح مرتزقة فاغنر في تومبكتو

الابتزاز والتضييق على التجار: أساليب منظمّة

الضابط المالي المعروف بالعقيد كوليبالي وأفراد فرقته العسكرية، بالتعاون مع ضباط آخرين، تبنوا أسلوبًا ممنهجًا لابتزاز التجار المحليين في تمبكتو والمناطق المحيطة بها. يتم استهداف كبار التجار العرب والطوارق، الذين يتم تحديدهم من خلال شبكة من المتعاونين المحليين، ثم تُلفق لهم تهم بالتعاون مع الجماعات المسلحة. بعدها، يتم اعتقالهم واحتجازهم في مراكز الشرطة، حيث يُجبرون على دفع رشاوى تتراوح بين 5 إلى 20 مليون فرنك إفريقي مقابل الإفراج عنهم.

هذه الأموال، التي يتم جمعها من خلال الابتزاز، لا تذهب لصالح خزينة الدولة بل تُقسم بين الضباط والجنود والمتعاونين المحليين. تُستغل هذه الأموال أيضًا في تمويل أنشطة أخرى قد تكون ذات صلة بشبكة المرتزقة الروس.

دور فاغنر: تمويل الابتزاز لصالح المرتزقة الروس

منذ أن بدأ المرتزقة الروس التابعون لمجموعة فاغنر في دخول منطقة أزواد، بدأ دورهم في التأثير على سياسات الجيش المالي بشكل متزايد. وتفيد مصادر محلية أن جزءًا من الأموال التي يتم جمعها عبر الابتزاز من التجار يُرسل مباشرة إلى فاغنر. المجموعة الروسية، التي تعد واحدة من أبرز القوى العسكرية غير الرسمية في مناطق النزاع، تستفيد من هذه الممارسات المالية لضمان استمراريتها في المنطقة، بينما تعزز سلطتها من خلال توفير الدعم العسكري للجيش المالي.

العلاقة بين الجيش المالي ومرتزقة فاغنر تبدو متشابكة، حيث يستفيد الطرفان من استمرار هذه الأنشطة غير القانونية. الجيش المالي يعزز سلطته عبر هذه الأموال، بينما يظل المرتزقة الروس في أزواد بشكل أقوى، مستفيدين من هذه الانتهاكات الممنهجة.

تداعيات هذه الممارسات: تهجير التجار وتهديد الاستقرار الاقتصادي

هذه الممارسات من الابتزاز والظلم تسببت في تهجير العديد من التجار من المنطقة، حيث فضل البعض منهم الهجرة إلى دول مجاورة للنجاة بحياتهم وأموالهم. إنَّ هذه الهجرة الجماعية للتجار تساهم في تدهور الأوضاع الاقتصادية في أزواد، حيث يعتمد الاقتصاد المحلي بشكل كبير على هؤلاء التجار وأعمالهم. فكلما زادت هذه الضغوط، كلما ضعف النسيج الاجتماعي والاقتصادي في المنطقة.

علاوة على ذلك، تُسهم هذه الممارسات في زيادة حالة انعدام الأمن وتفاقم حالة اللااستقرار في المنطقة. فقد أصبح التجار والمواطنون في وضع صعب حيث يخشون أن يكونوا في أي وقت عرضة للاعتقال التعسفي والابتزاز المالي.

العواقب الإنسانية والاجتماعية

تؤدي هذه الممارسات إلى تدهور وضع المدنيين في أزواد، حيث يواجهون نوعًا من الاستنزاف الاقتصادي والاجتماعي المستمر. في وقت تزداد فيه الأوضاع سوءًا على الصعيد الأمني، يعاني المواطنون من القمع المتزايد الذي يفرضه الجيش المالي ومرتزقة فاغنر. هذا الضغط المستمر يساهم في تشويه معالم الحياة المدنية في المنطقة، مما يجعل العديد من السكان يفكرون في مغادرة مناطقهم إلى مناطق أكثر أمانًا، وهو ما يفاقم من أزمة النزوح.

إنَّ ما يحدث في تمبكتو وأزواد بشكل عام من ابتزاز وتضييق على التجار، يتطلب تدخلًا عاجلًا من المجتمع الدولي. لا يمكن السماح لهذه الممارسات الممنهجة بالاستمرار دون محاسبة. إنَّ تدخل القوى الدولية لإنهاء هذه الأنشطة غير القانونية ومنع الفساد المستشري في الجيش المالي، سيُسهم في تحسين الوضع الأمني والاقتصادي في المنطقة.

من الضروري أن يتوقف الابتزاز الذي يتعرض له التجار المحليون، وأن يُعزز النظام القانوني في مالي، حتى يتمكن المواطنون من العيش في بيئة آمنة ومستقرة.

Slide Up
x

صحفي مستقل

أنا صحفي مستقل متخصص في تغطية الأحداث والقضايا الاجتماعية والسياسية في دول الساحل وأزواد. أركز على تسليط الضوء على التحديات الأمنية، حقوق الإنسان، والتنمية الاقتصادية في المنطقة. أسعى لتقديم تقارير موضوعية تعكس صوت المجتمعات المحلية وتساهم في زيادة الوعي الدولي حول القضايا الملحة التي تواجهها هذه المناطق. من خلال استخدام وسائل الإعلام التقليدية والرقمية، أعمل على توثيق التجارب الإنسانية وتعزيز الحوار حول الحلول المستدامة.

مقالات ذات صلة

اترك رد

error: Content is protected !!