أزواد: حتمية الانفصال عن مالي في ظل جرائم الحكومة وغياب العدالة
لم يعد الصراع الدائر في مالي مجرد نزاع بين حكومة مركزية وجماعات مسلحة، بل تحول إلى معركة وجودية للشعب الأزوادي، الذي يعاني من القمع والتهميش المنظم على يد الجيش المالي ومرتزقة فاغنر. ومع تزايد الانتهاكات التي لم تعد خافية على أحد، بات من الواضح أن الانفصال التام عن مالي هو الحل الوحيد لإنقاذ الشعب الأزوادي من كارثة إنسانية مستمرة.
البيان الرسمي للجيش المالي: رواية رسمية بعيدة عن الصحة
في بيان صادر عن هيئة الأركان العامة للجيش المالي بتاريخ 23 أكتوبر 2024، أعلن الجيش عن سلسلة عمليات أمنية نُفذت في مناطق متفرقة من البلاد، من بينها:
- 18 أكتوبر: إحباط عدة محاولات زرع عبوات ناسفة على الطريق الرابط بين كوالا ونارا.
- 21 أكتوبر: القضاء على عناصر إرهابية في مناطق دلي وأماسين، واستعادة كميات كبيرة من الأسلحة.
- 22 أكتوبر: ملاحقة وتحييد منفذي هجوم على نقطة تفتيش في سيفاري، إضافة إلى مصادرة كميات من الوقود كانت موجهة لدعم الجماعات المسلحة.
رغم هذه الإعلانات، طُرحت شكوك جدية بشأن مصداقية البيان، خاصة بعد الهجوم الدموي بطائرة مسيّرة استهدف مدنيين في منطقة إنجتفن التابعة لولاية تمبكتو
جرائم الجيش المالي: من التهم إلى الحقائق الثابتة
تجاوزت الممارسات الوحشية التي يرتكبها الجيش المالي مرحلة الاتهام إلى الحقائق الموثقة التي تشهد عليها المجازر المتكررة بحق المدنيين في أزواد. آخر هذه الجرائم كان قصفًا بطائرة مسيّرة في إنجتفن، بولاية تمبكتو، استهدف عمدًا أطفالًا ونساء وكبار السن، وأسفر عن مقتل 10 أشخاص، بينهم 6 أطفال وامرأة واحدة وثلاثة شيوخ. هذه الجريمة الشنعاء ليست حادثًا معزولًا، بل جزء من سياسة ممنهجة تهدف إلى كسر إرادة الأزواديين وقمع أي تطلع للاستقلال.
سياسة التهميش والاضطهاد المستمر
منذ عقود، يرزح الشعب الأزوادي تحت وطأة التهميش الاقتصادي والسياسي من الحكومة المالية، التي تعامل مناطق أزواد كأطراف بعيدة لا تستحق التنمية أو الاهتمام. ومع تزايد نفوذ مرتزقة فاغنر، تفاقمت معاناة الأزواديين، حيث أصبحت العمليات العسكرية وسيلة للنهب والانتقام من السكان المحليين، ما جعل الحياة في أزواد جحيمًا لا يُطاق.
جماعة النصرة: شريكة في المعاناة، لكنها ليست الأساس
رغم الانتهاكات التي ترتكبها جماعة النصرة في المنطقة، إلا أن العبء الأكبر من المعاناة يقع على عاتق الحكومة المالية التي تُوظف القوة العسكرية للقمع بدلاً من بناء جسور الثقة. وتُظهر الوقائع أن الجيش المالي يفرّ أمام هجمات هذه الجماعات، لكنه يعود لينتقم من المدنيين العزل، في محاولة فاشلة لإظهار القوة بعد خسائره الميدانية.
الانفصال: ضرورة للبقاء وليس خيارًا سياسيًا
في ظل هذه الأوضاع المأساوية، لم يعد الانفصال عن مالي مجرد مطلب سياسي، بل تحول إلى حاجة وجودية للشعب الأزوادي الذي لم يجد في الحكومة المركزية سوى مصدرًا للقمع والتنكيل. فالدماء التي أُريقت في إنجتفن وغيرها من مناطق أزواد تكشف بوضوح أن العيش تحت سيطرة باماكو أصبح مستحيلًا. ولم يعد هناك مجال للحديث عن وحدة وطنية زائفة عندما تتعامل الحكومة مع جزء من شعبها كعدو داخلي.
المجتمع الدولي: بين الصمت والتواطؤ
أمام هذه الجرائم، يقف المجتمع الدولي إما متفرجًا أو متواطئًا بصمته، مما يترك الشعب الأزوادي وحيدًا في مواجهة آلة القمع العسكرية. ورغم أن الانتهاكات التي ترتكبها الحكومة المالية باتت واضحة للعالم، إلا أن المنظمات الدولية لم تتخذ خطوات جادة لحماية المدنيين أو محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.
الخاتمة: الطريق نحو الاستقلال والحرية
في ظل المعاناة المستمرة التي يعيشها الشعب الأزوادي، يصبح الانفصال عن مالي هو الخيار الوحيد لإنهاء الظلم وضمان حياة كريمة. هذا الشعب الذي طالما ناضل من أجل حقوقه لن يستسلم أمام آلة القمع، وسيواصل السعي لتحقيق حلمه في الاستقلال وبناء دولة تحترم كرامته وتصون حقوقه.
إن المعاناة لا يمكن أن تستمر إلى الأبد، ومع كل جريمة جديدة ترتكبها الحكومة المالية، يقترب الشعب الأزوادي خطوة أخرى من الحرية، ليبني مستقبلاً جديدًا بعيدًا عن القمع والتهميش. الانفصال عن مالي ليس مجرد خيار سياسي، بل هو ضرورة للبقاء وضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة.