قبيل المعركة: الجيش الأزوادي يشن هجوماً بطائرات مسيّرة على معسكرات فاغنر والجيش المالي في تمبكتو
في الثاني من أكتوبر 2024، شهدت ولاية تومبكتو هجوماً جديداً نفذته قوات الجيش الأزوادي (CSP-DPA) ضد معسكرات تابعة لمرتزقة مجموعة فاغنر الروسية وعناصر من الجيش المالي، الذين وصفتهم بعض المصادر بـ”آكلي لحوم البشر”. وفقاً لمصادر إعلامية محلية، فقد شنت القوات الأزوادية هجوماً مفاجئاً على المعسكرات العسكرية في تمبكتو، دون الإفصاح عن تفاصيل دقيقة حول حجم الخسائر أو الأضرار التي نجمت عن الهجوم.
السياق الجيوسياسي
الهجوم يأتي في سياق توتر متزايد في منطقة أزواد (شمال مالي) بين الحركة الأزوادية المسلحة والحكومة المالية المدعومة من مرتزقة مجموعة فاغنر الروسية. فمنذ اندلاع الأزمة في شمال مالي عام 2012، أصبحت المنطقة بؤرة للصراعات المسلحة بين الطوارق (الذين يمثلون جزءًا كبيرًا من الحركات الأزوادية) والقوات المالية، مع تدخلات أجنبية متعددة.
قوات الجيش الأزوادي، تحت مظلة التنسيق العسكري لحركة أزواد (CSP-DPA)، تسعى منذ سنوات لتحقيق أهدافها المتمثلة في استقلال أو حكم ذاتي واسع النطاق لمنطقة أزواد، التي تضم مناطق تمبكتو وكيدال وغاو. وتشير التقارير إلى أن الحركة الأزاودية تعتبر وجود مجموعة فاغنر في مالي تهديداً مباشراً لها، حيث توفر هذه المجموعة الروسية الدعم العسكري المباشر للحكومة المالية.
الهجمات بالطائرات المسيّرة
وفقًا للتقارير، استخدمت القوات الأزوادية في هجومها طائرات مسيّرة لاستهداف المعسكرات، مما يعكس تطورًا في تكتيكاتها العسكرية. يعتبر استخدام الطائرات بدون طيار علامة على تحول نوعي في استراتيجيات الصراع في المنطقة، حيث تتيح هذه التكنولوجيا الحديثة للجماعات المسلحة قدرات أكبر في جمع المعلومات وتنفيذ ضربات دقيقة ضد الأهداف العسكرية.
مجموعة فاغنر في مالي
منذ انقلاب 2020 في مالي وتدهور العلاقات بين الحكومة المالية والغرب، وخاصة فرنسا، بدأت الحكومة المالية في الاعتماد بشكل متزايد على مرتزقة مجموعة فاغنر الروسية لتعزيز قدراتها العسكرية ضد الجماعات المسلحة في شمال البلاد. فاغنر، المعروفة بعملياتها العسكرية في العديد من النزاعات الدولية، تتهم بتنفيذ عمليات قمعية ضد المدنيين في مالي ودعم النظام المالي في مواجهة المعارضة المسلحة، بما في ذلك الطوارق.
التداعيات المستقبلية
الهجوم الأخير في تمبكتو يعكس استمرار الصراع في المنطقة بين الحركة الأزاودية والحكومة المالية وحلفائها، مما يعقد الوضع الأمني والسياسي في مالي بشكل كبير. فمن المتوقع أن تؤدي هذه العمليات إلى تصعيد جديد في النزاع، خاصة في ظل غياب الحلول السياسية الحقيقية التي ترضي جميع الأطراف. كما أن استمرار استخدام الطائرات المسيّرة يعزز من القدرات الهجومية للحركات المسلحة، مما يجعل الوضع أكثر تعقيداً ويزيد من الضغط على الحكومة المالية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الصراع في أزواد له أبعاد دولية، حيث تنخرط فيه قوى أجنبية مثل روسيا من خلال مجموعة فاغنر، وفرنسا التي كانت سابقاً اللاعب الأساسي في عمليات حفظ السلام في مالي من خلال عملية برخان قبل انسحابها في 2022. هذه التدخلات الخارجية تزيد من تعقيد المشهد وتجعل الوصول إلى حل سلمي بعيد المنال في الوقت الحالي.
الهجوم الذي نفذته القوات الأزوادية في تمبكتو في أكتوبر 2024 يعد خطوة جديدة في الصراع المستمر في شمال مالي. مع تزايد التوترات واستخدام تقنيات متطورة مثل الطائرات المسيّرة، يبدو أن المنطقة ماضية نحو مزيد من التصعيد، مما يضع تحديات كبيرة أمام الحكومة المالية وحلفائها من مرتزقة فاغنر، وأمام المجتمع الدولي الباحث عن استقرار في منطقة الساحل التي تعاني من أزمات متعددة.