صوت الحق
أخبار أزواد

غارات جوية للحركات الأزوادية على مواقع عسكرية مالية في تومبكتو تلغي احتفالات الاستقلال


في يوم 22 سبتمبر 2024، نفذت الطائرات بدون طيار الأزوادية سلسلة من الضربات الجوية استهدفت معسكرات الجيش المالي ومرتزقة فاغنر في وسط مدينة تمبكتو، مما أسفر عن حالة من الذعر بين المدنيين وهروب المحتفلين من ساحة “محل الاستقلال”. هذه الضربات جاءت متزامنة مع الاحتفالات التي تقيمها مالي بمناسبة استقلالها المزعوم، وهو ما يراه الأزوادايون رسالة واضحة ومباشرة بأن أزواد لا تزال تحت سيطرتهم، وأن الجيش المالي لن يهنأ بالأمن طالما استمر في احتلال هذا الإقليم.

رسالة الأزوادايين إلى مالي: السيطرة والمقاومة

ترى الحركات الأزوادية أن هذه العملية تحمل في طياتها تحذيرًا صريحًا للسلطات المالية والشعب المالي. بالنسبة للأزوادايين، يُعتبر تاريخ استقلال مالي **”مزيفًا”** لأنه لم يأتِ بأية سيادة فعلية لأزواد، بل بالعكس أدى إلى تكريس القمع والعنصرية ضد سكانه. ويعود تاريخ هذا القمع إلى الاستقلال الذي منحته فرنسا لمالي في 1960 والذي تزامن مع إلحاق أزواد بمالي ظلمًا، رغم أنه لا تربطهما أي علاقات تاريخية أو ثقافية.

إرث القمع والمجازر

شهد إقليم أزواد على مدار العقود الستة الماضية موجات متتالية من القمع الممنهج، بدءًا من مجازر 1963 حين حاولت الحكومة المالية آنذاك القضاء على أي مقاومة أزوادية باستخدام وسائل شنيعة من تسميم الآبار وقتل المئات أمام أعين عائلاتهم. وفي 1973، حين تعرض الإقليم لموجة جفاف قاتلة، أهملت الحكومة المالية تقديم المساعدة، ما أدى إلى وفاة الآلاف وتهجير مئات الآلاف من السكان إلى دول الجوار.

استمر القمع حتى سنوات التسعينيات مع المجازر التي شهدها الإقليم بين 1990 و1995، حيث استهدفت الحكومة الماليين الكبار من رجال الدين والعلماء، إلى جانب المدنيين الأبرياء في غاو وكيدال وميناكا. وفي 2013، مع عودة الجيش المالي بدعم فرنسي، شنت الدولة مجددًا حملات قمعية شملت قتل المتظاهرين في كيدال عام 2014، مما أدى إلى انهيار اتفاقية واغادوغو واستئناف المواجهات المسلحة.

تحالفات الموت: فاغنر وجرائم جديدة

منذ يوليو 2023 وحتى سبتمبر 2024، شهد إقليم أزواد تصعيدًا جديدًا في مستوى العنف بدعم من مرتزقة فاغنر، حيث قُتل الآلاف من المدنيين على يد الجيش المالي وحلفائه الروس. هذه الفترة تميزت بارتكاب فظائع لم يشهدها الإقليم من قبل، بما في ذلك **تفخيخ جثث المدنيين وقطع رؤوسهم في إرسان بولاية غاو**، بالإضافة إلى تسميم الآبار، قصف القرى، تدمير المنازل، وتهجير الآلاف من السكان الذين لجأوا إلى الدول المجاورة.

فشل التنمية: أزواد محرومة من البنى التحتية

بالرغم من مرور 64 عامًا على ما تسميه مالي بـ”الاستقلال”، إلا أن الحكومات المالية المتعاقبة لم تقدم أي جهود حقيقية لتنمية إقليم أزواد. فالطرق غير معبدة بين المدن الكبرى مثل كيدال، مينكا، وتودني، ولا توجد أي جهود لبناء المدارس أو المستشفيات، ما أدى إلى وفاة مئات الأطفال سنويًا بسبب نقص الرعاية الصحية.

الكهرباء، أيضًا، تمثل مشكلة أخرى. في كيدال ومناطق أخرى من أزواد، لم تقم مالي بتوفير أي بنية تحتية للكهرباء، بينما يعاني سكان غاو من انقطاعات متكررة. منذ 2022، أصبحت الكهرباء في غاو شبه معدومة، وهو ما دفع الأهالي إلى الاحتفال بـ”الاستقلال” المزعوم عبر إشعال النار في الشوارع لإضاءة طريقهم.

خاتمة

على مدى أكثر من ستة عقود، لم تأت استقلالية مالي المزعومة بأي فائدة لإقليم أزواد. بل بالعكس، شهد الإقليم تهميشًا وقمعًا ممنهجًا من قبل الدولة المركزية، مدعومة بتحالفات مشبوهة مع مرتزقة فاغنر. مع استمرار المقاومة الأزوادية وتصاعد الهجمات العسكرية، يبدو أن الوضع لن يتغير إلا بإعادة النظر في الهيمنة المالية على أزواد وفتح المجال أمام الشعب الأزواداي لتقرير مصيره بعيدًا عن القبضة المركزية التي أثبتت فشلها في تحقيق الأمن أو التنمية.

Slide Up
x

صحفي مستقل

أنا صحفي مستقل متخصص في تغطية الأحداث والقضايا الاجتماعية والسياسية في دول الساحل وأزواد. أركز على تسليط الضوء على التحديات الأمنية، حقوق الإنسان، والتنمية الاقتصادية في المنطقة. أسعى لتقديم تقارير موضوعية تعكس صوت المجتمعات المحلية وتساهم في زيادة الوعي الدولي حول القضايا الملحة التي تواجهها هذه المناطق. من خلال استخدام وسائل الإعلام التقليدية والرقمية، أعمل على توثيق التجارب الإنسانية وتعزيز الحوار حول الحلول المستدامة.

مقالات ذات صلة

اترك رد

error: Content is protected !!