الهجوم على المدنيين في كيدال: جريمة جديدة ضمن سياسة الأرض المحروقة التي تنتهجها باماكو
العمل الإجرامي الذي ارتكبه سلاح الجو المالي في صباح يوم الأحد 23 ربيع الآخر 1446 هـ (27 أكتوبر 2024) يشكل جريمة حرب جديدة تضاف إلى سلسلة الاعتداءات المتكررة ضدّ الشعب الأزوادي. وقد استهدفت إحدى الطائرات المسيّرة القتالية، في هذا اليوم، سيارة مدنية تقلّ خزّانًا للمياه، قرب بئر “إنتبظاظ” على بعد 100 كيلومتر جنوب شرق مدينة كيدال. ويعدّ هذا التصرف امتدادًا لسياسة الأرض المحروقة التي تتبناها حكومة باماكو، حيث تزداد وتيرة استهداف الأهداف المدنية بغاية ترويع السكان الأبرياء وإجبارهم على النزوح عن قراهم ومزارعهم.
تفاصيل الهجوم وأبعاده
هذا الهجوم يعدّ أحد أساليب التصعيد المستمر من قِبل سلاح الجو المالي ضدّ الأهداف المدنية في مناطق أزواد. وقد أدى هذا الهجوم إلى تدمير السيارة المدنية بالكامل، ما يزيد من حجم المعاناة التي يعيشها الأهالي في ظلّ غياب الأمان وتزايد الاعتداءات العشوائية. وتأتي هذه الضربة الجوية لتؤكد على سياسة الترهيب التي تتبعها حكومة مالي ضدّ سكان المناطق الشمالية من أجل تغيير موازين المعركة لمصلحتها على حساب حقوق وكرامة المدنيين.
مثل هذه الهجمات تشكل انتهاكًا صارخًا لكل القوانين والمواثيق الدولية التي تحظر استهداف المدنيين أو تعريضهم للخطر في النزاعات المسلحة. وتعتبر هذه الضربات الجوية جزءًا من سياسة طويلة الأمد تسعى حكومة مالي من خلالها إلى السيطرة على الأوضاع في كيدال والمناطق المحيطة، دون اكتراث بالخسائر التي تلحق بالأرواح والممتلكات المدنية.
سياسة الأرض المحروقة وأهداف باماكو
من المؤكد أن سياسة الأرض المحروقة التي تتبعها حكومة باماكو تعكس رغبة عميقة في قمع أي محاولة للاستقلالية أو المطالبة بالحقوق في أزواد. هذه السياسة تأتي ضمن استراتيجية متكاملة تهدف إلى إفراغ المناطق الأمازيغية والتقليل من مقاومة السكان المحليين، حيث تعتمد على الترهيب والتهجير القسري كوسائل رئيسية لتحقيق السيطرة على المناطق الشمالية.
هذه التصرفات لا تستهدف فقط المدنيين، بل تسعى إلى تهجيرهم وجعلهم يعيشون في خوف دائم من الضربات الجوية التي قد تصيب أي مركبة أو تجمع مدني. إن هذه السياسة تعكس رغبة حكومة باماكو في خنق أي أمل في التعايش أو في التفاوض على أساس الحقوق المتساوية والمشروعة لجميع الشعوب.
ردود الفعل المحلية والدولية
في ظل تصاعد الهجمات، دعا الشعب الأزوادي وقادته المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته تجاه ما يجري من انتهاكات مستمرة. كما ناشد قادة أزواد الهيئات الحقوقية والمنظمات الإنسانية بالتدخل الفوري للتحقيق في جرائم الحرب التي ترتكبها مالي ومحاسبة المسؤولين عنها.
في المقابل، الدول والمنظمات الإقليمية مطالبة بضرورة ممارسة ضغط فعّال على حكومة باماكو لإيقاف هذه السياسات القمعية ضدّ المدنيين في كيدال والمناطق المحيطة بها. كما يشدد على أهمية تكثيف الجهود الإنسانية لتقديم الدعم للسكان المتضررين، وتوفير مأوى آمن للنازحين وإمدادهم بالمواد الأساسية.
الخلاصة
هذه الهجمات المستمرة من قِبل سلاح الجو المالي تعكس أزمة حقيقية في التزام باماكو بالقوانين الدولية وحقوق الإنسان. وتؤكد الهجمات على الأهداف المدنية في أزواد عزم حكومة مالي على إتباع سياسة الأرض المحروقة بهدف زعزعة الاستقرار وإجبار السكان المحليين على النزوح والتخلي عن أراضيهم.
ختامًا، يجدد المقال دعوته إلى المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية للوقوف بحزم أمام هذه الانتهاكات المستمرة، ومساندة الشعب الأزوادي في مطالبه العادلة للحصول على الحرية والأمان والكرامة.