صوت الحق
أخبار عامة

الأحجية الصربية في أفريقيا: من جيولوجيين مختطفين إلى مرتزقة مجهولين في النيجر

في أواخر التسعينيات، شهدت مناطق النزاع في أفريقيا تدفقاً للمرتزقة، ومن بينهم مجموعة من العسكريين الصرب الذين خدموا في وحدات متنوعة خلال الحروب في يوغوسلافيا السابقة.

استُقطب هؤلاء المرتزقة للمشاركة في النزاع الدموي الذي نشب في زائير (جمهورية الكونغو الديمقراطية حاليًا)، حيث انقسمت القوى المتنازعة بين الحكومة التي يقودها الرئيس موبوتو سيسي سيكو والمتمردين المدعومين من دول الجوار.

الأحجية الصربية في أفريقيا: من جيولوجيين مختطفين إلى مرتزقة مجهولين في النيجر

تجنيد المرتزقة

تم تجميع مجموعتين من 150 مقاتلاً من قدامى المحاربين في القوات المسلحة الصربية، بما في ذلك عناصر من وحدات خاصة سابقة، تحت قيادة ميلوراد بيليميش.

في نوفمبر وديسمبر 1996، سافر هؤلاء المرتزقة إلى زائير بعقود عمل مغرية تضمن لهم رواتب شهرية تتراوح بين 3000 إلى 8000 دولار، مع تأمين ضد العجز أو الوفاة.

قصة الجيولوجيين الأربعة

تناولت إحدى قنوات المرتزقة  قصة مثيرة تتعلق باختطاف جيولوجيين روسيين في النيجر، وتربطها بمأساة مشابهة حدثت قبل أكثر من عقد من الزمان عندما احتُجزت مجموعة من الجيولوجيين الفرنسيين. لكن ما يثير الفضول هو أن هؤلاء “الفرنسيين” كانوا في الواقع صربًا.

تستعرض المقالة دور المرتزقة الصرب في أفريقيا، مسلطةً الضوء على عملياتهم في زائير (الكونغو) وليبيا، كما تستعرض بعض الأنشطة المثيرة للجدل التي قامت بها أجهزة المخابرات اليوغوسلافية.

يقدم النص تفاصيل عن تلك الأحداث، مع الإشارة إلى تجارب الجيولوجيين وكيفية ارتباطهم بتلك الشبكة الواسعة من المرتزقة والأعمال العسكرية.

تتناول المقالة أيضًا الآثار الإنسانية والسياسية لتلك الأنشطة، مما يجعلها قصة ملحمية ومليئة بالتعقيدات في عالم مليء بالصراعات والنزاعات.

بداية النزاع في زائير

وصلت القوات الصربية إلى زائير في يناير 1997، وواجهت صعوبات كبيرة، بما في ذلك تفشي الأمراض مثل الملاريا. انخرط المرتزقة في قتال مباشر ضد قوات المتمردين، ودعموا قوات موبوتو.

على الرغم من تحقيق بعض النجاحات الأولية، مثل صد هجمات المتمردين على كيسنغاني، إلا أن الوضع ساء بسرعة.

عواقب النزاع على الجيولوجيين

مع تقدم المتمردين، أصبح الوضع أكثر خطورة. بدأت حياة الجيولوجيين الأربعة في التعرض للتهديد، حيث كانوا محاصرين بين نيران القتال وغياب الأمن.

ومع ذلك، حاول المرتزقة، ومن بينهم أولئك الذين كونوا علاقة معهم، تأمين خروجهم بأمان. كان الجيولوجيون يعتمدون على خبراتهم في مجالاتهم للبقاء على قيد الحياة، ولكن مع تزايد الاشتباكات، أصبح الأمر صعبًا بشكل متزايد.

تراجع قوات موبوتو

في 15 مارس 1997، تمكنت قوات المتمردين بقيادة لوران كابيلا من دخول كيسنغاني، مما أدى إلى انهيار قوات موبوتو. اضطر المرتزقة الصرب إلى الانسحاب السريع، وبعد فترة قصيرة، سقطت العاصمة كينشاسا في يد المتمردين، مما أنهى حكم موبوتو الذي استمر لعدة عقود. في هذه الأثناء، تم إجلاء الجيولوجيين من منطقة النزاع بفضل جهود المرتزقة الذين رافقوهم.

الفشل في زائير

يمكن اعتبار التدخل الصربي في زائير عملية فاشلة، إذ لم يتمكن المرتزقة من تغيير مجرى الأحداث بشكل ملموس، وانتهى الأمر بفقدانهم لمكانتهم وتأثيرهم.

بعد الفشل في زائير، كان هناك تغييرات كبيرة في السياسة الإقليمية، حيث بدأ الفرنسيون في إعادة النظر في تعاونهم مع الصرب، وتوجهوا نحو التركيز على الأحداث الداخلية في يوغوسلافيا.

المشاركة في النزاعات الأخرى

تلا ذلك محاولات لصرب آخرين للانخراط في نزاعات جديدة، مثل الحرب في مقدونيا عام 2001، حيث سعى بيليميش إلى تجميع مجموعة جديدة للقتال. ومع ذلك، حالت التطورات السياسية، مثل اتفاق أوهريد، دون استغلال هذه القوة.

بعد الغزو الأمريكي للعراق في 2003، بدأ عدد من الصرب في العمل كمرتزقة في شركات أمنية خاصة، لكن لم تكن لديهم الخبرة الكافية أو التوجيه المناسب، مما أدى إلى عودة العديد منهم إلى بلادهم في وقت قصير.

الأحداث في ليبيا

ومع بداية النزاع في ليبيا عام 2011، انخرط عدد من الصرب في دعم نظام القذافي، ولكن سرعان ما أدت الفوضى إلى تراجعهم، حيث تم أسر بعضهم. وعاد الجيولوجيون الأربعة إلى بلدانهم بعد هذه الأحداث، حاملين ذكريات مؤلمة عن التجربة التي عاشوها وسط الصراع.

الاستنتاجات

على الرغم من محاولات الصرب للتأثير في النزاعات الأفريقية، كانت نتائج مشاركتهم مختلطة، مما يعكس تحديات وأخطاء في التنظيم والإدارة. بعد تراجع الأوضاع السياسية في يوغوسلافيا وظهور حركات جديدة في المناطق التي انخرطوا فيها، أصبح مستقبل المرتزقة الصرب غامضًا.

وفي النهاية، تُظهر تجربة المرتزقة الصرب في زائير وليبيا كيف يمكن للخلفية العسكرية السابقة أن تؤثر على المصير في النزاعات الدولية، ولكنها أيضًا تسلط الضوء على الفوضى وعدم التنظيم الذي يمكن أن يرافق هذه العمليات.

Slide Up
x

صحفي مستقل

أنا صحفي مستقل متخصص في تغطية الأحداث والقضايا الاجتماعية والسياسية في دول الساحل وأزواد. أركز على تسليط الضوء على التحديات الأمنية، حقوق الإنسان، والتنمية الاقتصادية في المنطقة. أسعى لتقديم تقارير موضوعية تعكس صوت المجتمعات المحلية وتساهم في زيادة الوعي الدولي حول القضايا الملحة التي تواجهها هذه المناطق. من خلال استخدام وسائل الإعلام التقليدية والرقمية، أعمل على توثيق التجارب الإنسانية وتعزيز الحوار حول الحلول المستدامة.

Related Articles

اترك رد

error: Content is protected !!