باماكو: تدمير 6 طائرات عسكرية وسقوط مئات القتلى والجرحى في صفوف الجيش المالي
في مساء اليوم الثلاثاء 17 سبتمبر 2024، أصدرت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين بيانًا يتناول تفاصيل هجوم كبير استهدف مواقع حساسة في العاصمة المالية باماكو، بما في ذلك القاعدة الجوية العسكرية لمطار موديبو كايتا الدولي في سينو والأكاديمية العسكرية للدرك والجيش المالي في فلاجي. يُعد هذا الهجوم، وفقًا للبيان، تطورًا خطيرًا في سياق التصعيد العسكري بين الجماعة المسلحة والقوات المالية والمرتزقة الروس من مجموعة فاغنر، الذين يُعتبرون القوة المساندة الرئيسية للحكومة المالية في حربها ضد الجماعات الجهادية في البلاد.
تفاصيل الهجوم
وصف البيان الهجوم بأنه “عملية نوعية” استغرقت تسع ساعات متواصلة، تمكن خلالها عدد من المقاتلين الانغماسيين من إلحاق خسائر فادحة بصفوف العدو. وفقًا لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، سقط مئات القتلى والجرحى من القوات المالية ومن مرتزقة فاغنر، مما يدل على حجم الدمار الكبير الذي خلفه الهجوم.
كما أشار البيان إلى تدمير كامل لست طائرات عسكرية، بما فيها طائرة بدون طيار، وتعطيل أربع طائرات أخرى جزئيًا، بالإضافة إلى تدمير العشرات من الآليات والمدرعات العسكرية. وقد أعلن التنظيم أن المهاجمين قدموا أرواحهم في سبيل الله، في إشارة إلى استشهادهم في نهاية الهجوم بعد اشتباك طويل مع القوات المستهدفة.
الرسالة الرمزية للهجوم
الهجوم لم يكن مجرد عملية عسكرية بل رسالة سياسية وعسكرية بامتياز. فقد أكد البيان أن الجماعة لا تزال قادرة على تنفيذ هجمات نوعية حتى في العاصمة باماكو، رغم الجهود المستمرة من قبل الحكومة المالية وحلفائها للحد من نفوذها. ويعكس هذا الهجوم الجرأة المتزايدة للجماعات المسلحة التي باتت تستهدف رموز القوة العسكرية والسياسية في البلاد، مثل القواعد الجوية والأكاديميات العسكرية، التي تعتبر حجر الزاوية في استراتيجية الدفاع الوطني.
يُعد اختيار المواقع المستهدفة رمزًا قويًا لرغبة الجماعة في إضعاف البنية التحتية العسكرية للحكومة المالية، في وقت تواجه فيه البلاد تحديات كبيرة على مستوى الأمن والاستقرار الداخلي. وفي نفس السياق، يشير البيان إلى أن الهجوم جاء ردًا على “المجازر والمذابح” التي ارتكبتها الحكومة المالية وحلفاؤها الروس ضد السكان المسلمين في المنطقة، مما يعكس محاولة الجماعة تقديم نفسها كحامية للمسلمين في وجه ما تصفه بـ”القمع”.
دلالات استراتيجية
هذا الهجوم يمثل تصعيدًا خطيرًا في سياق الصراع القائم في مالي ومنطقة الساحل بشكل عام. فمن جهة، يعكس قدرة جماعة نصرة الإسلام والمسلمين على تنفيذ عمليات معقدة ومنسقة تستهدف المواقع العسكرية الحساسة حتى في قلب العاصمة. ومن جهة أخرى، يعيد هذا الهجوم فتح النقاش حول فعالية التحالف بين الحكومة المالية ومجموعة فاغنر الروسية، التي باتت تواجه تحديات كبيرة في التصدي للجماعات المسلحة التي تواصل توسيع نفوذها.
في ظل هذه التطورات، يبدو أن مالي ستشهد مرحلة جديدة من الصراع الذي لن يكون محصورًا في المناطق الشمالية مثل أزواد، بل سيمتد ليشمل مناطق حساسة في الجنوب، ما يضع البلاد أمام تحديات وجودية تتطلب إعادة النظر في استراتيجياتها الأمنية والعسكرية.
الخاتمة
يبعث هذا الهجوم برسالة قوية للحكومة المالية وحلفائها مفادها أن الحرب ضد الجماعات المسلحة مثل نصرة الإسلام والمسلمين لا تزال بعيدة عن الحسم. كما يعكس مستوى تعقيد التهديدات الأمنية في البلاد، حيث أصبحت الجماعات المسلحة قادرة على استهداف قلب الدولة المالي، مما يزيد من الضغط على الحكومة لإيجاد حلول فعالة ومستدامة لهذا الصراع المستمر.