أخبار مالي

مالي : المجلس العسكري يوقع هدنة مع داعش مقابل إطلاق سراح قيادات بارزة

في 31 أغسطس 2024، قامت الحكومة العسكرية في مالي بإطلاق سراح محمد غالي ولد محمد، المعروف باسم “أغيوي”، وهو أحد كبار قادة تنظيم الدولة الإسلامية في الساحل (داعش). هذه الخطوة جاءت كجزء من اتفاق هدنة أبرمته الحكومة المالية مع التنظيم الإرهابي، وذلك بعد أسبوع فقط من توقيع اتفاق مشابه مع جماعة نصرة الإسلام والمسلمين (القاعدة في المغرب الإسلامي). هذه الاتفاقيات تمثل تحولا خطيرا في سياسات الحكومة المالية، وتعد تواطؤاً واضحاً مع الجماعات الإرهابية التي تهدد أمن واستقرار المنطقة.

مالي : المجلس العسكري يوقع هدنة مع داعش مقابل إطلاق سراح قيادات بارزة

لماذا أقدمت مالي على إطلاق سراح أحد كبار قادة داعش؟

قرار إطلاق سراح محمد غالي ولد محمد، الذي كان قد حُكم عليه بالإعدام مرتين، يعكس تواطؤ الحكومة المالية مع الجماعات الإرهابية. تسعى مالي من خلال هذه الخطوة إلى تحقيق تهدئة مؤقتة مع تنظيم الدولة الإسلامية في الساحل لتجنب الهجمات الإرهابية على أراضيها، ولتحقيق نوع من الاستقرار الداخلي الوهمي. إلا أن هذه الخطوة تمثل خيانة للتضحيات التي قدمتها قوات مكافحة الإرهاب في المنطقة، وتظهر استعداد الحكومة المالية لعقد صفقات مع من يهدد أمن مواطنيها.

سجل مالي الحافل بالتواطؤ مع الجماعات الإرهابية:

الإفراج عن “أغيوي” ليس الأول من نوعه في تاريخ تعامل الحكومة المالية مع الجماعات الإرهابية. ففي الفترة ما بين 29 يونيو و3 يوليو 2023، أطلقت مالي سراح اثنين من القادة الكبار في تنظيم الدولة الإسلامية، هما دادي ولد شعيب (المعروف أيضًا باسم يوسف ولد شعيب) القائد الأعلى لداعش في الساحل ويده اليمنى، وأمية ولد البكاي، وهو قائد عسكري بارز ينشط في منطقة الحدود الثلاثية. وكان هذان القائدان قد اعتُقلا من قبل القوات الفرنسية (برخان)، إلا أن الحكومة المالية أطلقت سراحهما ضمن صفقة هدنة مع داعش. دادي ولد شعيب، على وجه الخصوص، له تاريخ طويل من الاعتقالات والإفراجات؛ حيث اعتُقل لأول مرة في عام 2015 حين كان من قادة القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي قبل أن ينضم إلى داعش. وفي 2019، أُطلق سراحه ضمن صفقة تبادل أسرى بين النصرة ومالي، وفي 2021 اعتقلته قوات برخان مرة أخرى قبل أن تطلق مالي سراحه في يونيو 2023 كجزء من هدنة جديدة مع داعش.

ما هي الضمانات التي قدمها داعش لمالي مقابل الإفراج عن هؤلاء القادة؟

تتضح من هذه الصفقات أن تنظيم الدولة الإسلامية في الساحل قد قدم ضمانات بعدم استهداف القوات الحكومية المالية بشكل مباشر، وربما التزامه بعدم توسيع نفوذه في مناطق معينة مقابل الإفراج عن قادته. هذه الضمانات تأتي على حساب أمن المدنيين في المناطق التي لا تزال تحت سيطرة الجماعات الإرهابية، حيث يمكن لهذه الجماعات استغلال هذا الاتفاق لتعزيز سيطرتها وتوسيع نفوذها دون عوائق.

التداعيات الخطيرة لاتفاقيات مالي مع الجماعات الإرهابية:

  1. شرعنة الإرهاب: إن توقيع مالي اتفاقيات مع جماعات إرهابية مثل داعش والقاعدة يمنح هذه التنظيمات المتطرفة شرعية غير مقبولة، ويشكل سابقة خطيرة قد تدفع جماعات أخرى للسعي إلى اتفاقيات مماثلة. هذا التطور يعقد المشهد الأمني في الساحل ويزيد من صعوبة مواجهة التهديدات الإرهابية.
  2. تقويض الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب: هذه الاتفاقيات تقوض كل الجهود الدولية والإقليمية الرامية إلى مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل. بإطلاق سراح قيادات إرهابية مدانة مثل “أغيوي” و”دادي ولد شعيب”، فإن الحكومة المالية تظهر عدم التزامها بمكافحة الإرهاب، مما يضعف الثقة الدولية فيها ويؤدي إلى تقليص الدعم الدولي لها.
  3. تعريض المدنيين لمزيد من المخاطر: الاتفاقيات مع الجماعات الإرهابية قد تؤدي إلى تصاعد العنف في المناطق التي تسيطر عليها هذه الجماعات. الجماعات الإرهابية يمكنها الآن، وبفضل الاتفاقيات مع الحكومة، أن تعمل بحرية أكبر، مما يعرض حياة المدنيين للخطر ويزيد من الانتهاكات.
  4. زيادة التوترات الإقليمية: هذه الخطوات تزيد من التوتر بين مالي ودول الجوار التي تعتبر الجماعات الإرهابية تهديدًا لأمنها. قد تدفع هذه التطورات الدول المجاورة إلى اتخاذ إجراءات أحادية الجانب لحماية حدودها، مما يزيد من احتمالات النزاع الإقليمي.
  5. إضعاف سيادة الدولة: بتوقيعها اتفاقيات مع جماعات إرهابية، تُظهر الحكومة المالية ضعفها وعدم قدرتها على فرض سيادتها على كامل أراضيها. هذا الضعف يهدد بتفكيك الدولة وتحويل أجزاء منها إلى ملاذات آمنة للإرهابيين.

في الختام، إن اتفاقيات الحكومة المالية مع الجماعات الإرهابية مثل داعش والقاعدة تعد خيانة للشعب المالي وللمجتمع الدولي بأسره. يجب أن يكون هناك رد فعل قوي من المجتمع الدولي لرفض هذه الصفقات غير المشروعة وضمان أن منطقة الساحل لا تتحول إلى مركز جديد للإرهاب العالمي. إن التواطؤ مع الإرهابيين لا يمكن أن يكون استراتيجية لبناء دولة مستقرة، بل هو طريق إلى الفوضى والعنف المستمر.

x

صحفي مستقل

أنا صحفي مستقل متخصص في تغطية الأحداث والقضايا الاجتماعية والسياسية في دول الساحل وأزواد. أركز على تسليط الضوء على التحديات الأمنية، حقوق الإنسان، والتنمية الاقتصادية في المنطقة. أسعى لتقديم تقارير موضوعية تعكس صوت المجتمعات المحلية وتساهم في زيادة الوعي الدولي حول القضايا الملحة التي تواجهها هذه المناطق. من خلال استخدام وسائل الإعلام التقليدية والرقمية، أعمل على توثيق التجارب الإنسانية وتعزيز الحوار حول الحلول المستدامة.

مقالات ذات صلة

اترك رد

error: Content is protected !!