الليثيوم والتسابق الصيني الغربي على أفريقيا: الذهب الجديد في قلب صراع القوى العالمية
الذهب الجديد لأفريقيا
يُعتبر الليثيوم “الذهب الجديد” في العالم الحديث، حيث يتزايد الطلب عليه بشكل مطرد مع ازدياد الاعتماد على التكنولوجيا الخضراء.
يُستخدم الليثيوم بشكل رئيسي في صناعة البطاريات القابلة لإعادة الشحن، والتي تُعد عنصراً أساسياً في صناعة السيارات الكهربائية، والدراجات الكهربائية، والهواتف الذكية، والأجهزة الطبية، وحتى الطائرات بدون طيار (الدرون).
ومن هنا، باتت أفريقيا في قلب المنافسة العالمية بين الصين والدول الغربية على السيطرة على هذا المورد الثمين.
الصين: اللاعب الرئيسي خلف زيادة الإنتاج
في السنوات الأخيرة، لعبت الصين دورًا حيويًا في زيادة إنتاج الليثيوم في أفريقيا، وهي التي تقود هذه الزيادة بشكل كبير.
وفقًا لتقرير بلومبيرغ، فإن عمال المناجم الصينيين هم المحرك الرئيسي لهذا النمو، حيث قامت الشركات الصينية بضخ مليارات الدولارات في مشاريع استخراج الليثيوم في القارة السمراء.
تُعد زيمبابوي المثال الأبرز، حيث تسيطر الشركات الصينية على أكثر من ثلثي إنتاج القارة من الليثيوم.
وتعمل الصين أيضًا على تطوير مشاريع جديدة في مالي وناميبيا ونيجيريا.
المخاوف الغربية: سيطرة الصين على الإمدادات
أثار التوسع الصيني في أفريقيا مخاوف كبيرة لدى الدول الغربية، التي باتت تخشى من سيطرة بكين على إمدادات الليثيوم العالمية، مما قد يمنحها نفوذاً كبيراً في سوق السيارات الكهربائية والتكنولوجيا المتقدمة. ومع تزايد المقاومة الغربية للمشاركة الصينية في مشاريع الليثيوم داخل دولها، تحولت أفريقيا إلى وجهة رئيسية للصين لملء هذه الفجوة.
دوافع الصين: الاستجابة للطلب المحلي المتزايد
أحد الأسباب الرئيسية وراء اندفاع الصين نحو أفريقيا هو الحاجة الملحة لتلبية الطلب المحلي الهائل على الليثيوم. تنتج الصين حوالي نصف السيارات الكهربائية في العالم، وبالتالي تحتاج إلى كميات ضخمة من الليثيوم لدعم هذه الصناعة. وعندما ارتفعت أسعار الليثيوم قبل عامين، سارعت الشركات الصينية للاستثمار في أفريقيا لتأمين إمداداتها من هذا المعدن الحيوي.
أفريقيا: من الصفر إلى لاعب عالمي
لم يكن لأفريقيا أي وجود يُذكر في سوق الليثيوم قبل عشر سنوات، ولكن اليوم أصبحت تُساهم بنسبة 11٪ من الإنتاج العالمي، ومن المتوقع أن ترتفع هذه الحصة إلى أكثر من النصف بحلول نهاية العقد الجاري. هذا النمو السريع يعكس التحولات الكبيرة التي شهدتها القارة، حيث أصبحت وجهة رئيسية للاستثمارات في هذا القطاع.
التنافس الغربي: دخول اللعبة
في ظل هذه التحولات، بدأت الشركات الغربية أيضًا في دخول السباق. فقد تم الإعلان عن بناء أول منجم لليثيوم في غانا خصيصًا لسوق الولايات المتحدة، بدعم من الإعفاءات الضريبية التي قدمتها إدارة بايدن. كما تعمل شركات بريطانية وكندية على تطوير مشاريع مماثلة في ناميبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية.
المستقبل: فائض أم عجز؟
رغم أن هناك فائضًا في إنتاج الليثيوم على المستوى العالمي حاليًا، يُتوقع أن يعود السوق إلى العجز بعد ذروة فائض الإنتاج في عام 2027. ولذلك، تُواصل الصين استثماراتها بقوة لضمان تلبية الطلب المستقبلي، خاصة في ظل المنافسة الشرسة مع الغرب.
الختام: أفريقيا في قلب الصراع
في الختام، يُشكل الليثيوم جزءًا من التنافس الجيوسياسي الأوسع بين الصين والغرب. وبينما تسعى الصين لتأمين حصتها من هذا المعدن لضمان استمرار ريادتها في صناعة السيارات الكهربائية والتكنولوجيا المتقدمة، تحاول الدول الغربية تقليص الفجوة وتأمين إمداداتها الخاصة. وفي هذا الصراع، أصبحت أفريقيا مرة أخرى ساحة رئيسية للتنافس العالمي، حيث تبرز كقوة صاعدة في إنتاج الليثيوم، مما يجعلها لاعبًا رئيسيًا في مستقبل التكنولوجيا الخضراء.