مرتزقة فاغنر الروس في أزواد: حملة إرهاب تتفاقم وتغذي أزمة إنسانية ( واشنطن بوست )

في ظل تصاعد العنف وانتهاكات حقوق الإنسان، أصبحت أزواد مسرحًا لحملة إرهاب تقودها مجموعة مرتزقة فاغنر الروسية، التي تعمل بالتعاون مع الجيش المالي. وفقًا لتقرير نشرته “واشنطن بوست”، فإن هذه المجموعة، التي يُعتقد أنها تعمل كذراع لوزارة الدفاع الروسية، ارتكبت جرائم مروعة ضد المدنيين، مما أدى إلى تفاقم أزمة اللاجئين في المنطقة.
حملة عنف عشوائي
يقاتل مرتزقة فاغنر إلى جانب القوات المالية في أزواد، حيث يُتهمون بارتكاب جرائم حرب تشمل ذبح المدنيين، وحرق القرى، واختطاف النساء وتعذيبهن. هذه الحملة العنيفة أدت إلى نزوح آلاف العائلات التي فرت عبر الحدود إلى موريتانيا المجاورة، مما زاد من حدة أزمة اللاجئين التي تعاني منها المنطقة.
كوسي أغ محمد، راعي أغنام يبلغ من العمر 31 عامًا، وصف كيف أجبرته هذه الأعمال الوحشية على الفرار من قريته في منطقة تمبكتو. قال: “لم نشهد شيئًا مثل هذا من قبل. فاغنر جلبت الكارثة”. وأضاف أن المدنيين أصبحوا هدفًا مباشرًا لهذه الحملة، حيث يقتلون بشكل عشوائي دون تمييز بين الرجال والنساء والأطفال.
سياسة “اقتلهم جميعًا”
بدأت الحكومة العسكرية في مالي، التي استولت على السلطة عبر انقلاب عام 2020، التعاون مع فاغنر في أواخر عام 2021. وعلى الرغم من أن الهدف المعلن لهذه الشراكة هو مكافحة الجماعات المسلحة الموالية لتنظيم القاعدة وداعش، إلا أن المدنيين هم الذين يتحملون العبء الأكبر من هذه العمليات.
وفقًا لتقارير، فإن مرتزقة فاغنر يعتمدون على “تكتيكات الحرب القذرة”، بما في ذلك الاختطاف والتعذيب وقطع الرؤوس. وقد قُتل ما لا يقل عن 925 مدنيًا في هجمات شاركت فيها فاغنر خلال العام الماضي، وهو أكثر من ضعف عدد المدنيين الذين قُتلوا على يد المتطرفين الإسلاميين.
أزمة لاجئين متفاقمة
أدى العنف المتصاعد إلى تدفق آلاف الماليين إلى موريتانيا، حيث أصبح مخيم مبيرا للاجئين ثالث أكبر مركز سكاني في البلاد. وصل عدد اللاجئين في المخيم إلى حوالي 149,000 شخص، وهو ثلاثة أضعاف العدد المسجل في عام 2023. المخيم، الذي تجاوز طاقته الاستيعابية، يعاني من نقص حاد في الموارد الأساسية.
اللاجئون الذين وصلوا إلى المخيم يروون قصصًا مروعة عن الهجمات التي شنتها القوات المالية وحلفاؤها الروس. شيرفي أغ ماما، البالغ من العمر 45 عامًا، قال إن شقيقه قُتل على يد مرتزقة فاغنر، مضيفًا: “إنهم يعتبرون كل من يرتدي عمامة إرهابيًا”.
الوجود الروسي المتزايد
بينما كان تركيز فاغنر الأولي على وسط مالي، توسعت المجموعة بشكل متزايد نحو الشمال، حيث تتصاعد المواجهات مع متمردي الطوارق. وقد حققت فاغنر بعض الانتصارات العسكرية، مثل استعادة كيدال عام 2023، لكنها تعرضت أيضًا لانتكاسات كبيرة، بما في ذلك خسارة عشرات الرجال في معركة مع مقاتلي الطوارق بالقرب من الحدود الجزائرية.
على الرغم من هذه الخسائر، تشير التقارير إلى أن روسيا تواصل تعزيز وجودها في مالي، حيث يتم إرسال المزيد من المعدات العسكرية وتعزيز القواعد العسكرية. كما تم توثيق جهود تجنيد جديدة من قبل فاغنر، مما يشير إلى أن المجموعة لا تزال تلعب دورًا رئيسيًا في الصراع.
مستقبل غامض
في ظل استمرار العنف وتفاقم الأزمة الإنسانية، يبقى مستقبل مالي غامضًا. مرتزقة فاغنر، الذين يعملون كأداة للسياسة الخارجية الروسية، يواصلون نشر الرعب في البلاد، مما يزيد من معاناة المدنيين ويغذي أزمة لاجئين تهدد استقرار المنطقة بأكملها.