هيومن رايتس ووتش: الجيش المالي ومرتزقة فاغنر يرتكبون فظائع بحق الأزواديين
في تقرير جديد صادر عن منظمة “هيومن رايتس ووتش” بتاريخ 12 ديسمبر 2024، تم تسليط الضوء على الوضع الحقوقي المتدهور في مالي، حيث تواجه البلاد سلسلة متصاعدة من الانتهاكات المروّعة التي تطال المدنيين، وتُرتكب من قِبل أطراف متعددة، تشمل الجماعات الجهادية، والجيش المالي، ومرتزقة مجموعة فاغنر الروسية. التقرير يُظهر بوضوح أن غياب العدالة والمساءلة شجّع على استمرار هذه الفظائع.
غياب المعلومات بعد انسحاب مينوسما
منذ انسحاب بعثة الأمم المتحدة المتكاملة متعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما) في عام 2023، أصبح جمع المعلومات الدقيقة حول الانتهاكات أمرًا بالغ الصعوبة. وقد اتهمت السلطات المالية البعثة باستغلال ملف حقوق الإنسان سياسيًا، مما ساهم في اتخاذ قرار إنهاء مهمتها. ومع ذلك، أشار التقرير إلى أن الانتهاكات تفاقمت منذ ذلك الحين، حيث فقد المدنيون في وسط وشمال مالي أي وسيلة فعّالة لحمايتهم أو إيصال صوتهم للعالم الخارجي.
الانتهاكات الجسيمة للجيش المالي وفاغنر
منذ مايو 2024، وثّقت هيومن رايتس ووتش تسع عمليات كبيرة من الانتهاكات المرتكبة من قبل الجيش المالي ومرتزقة فاغنر، تضمنت غارات جوية بطائرات مسيّرة استهدفت المدنيين بشكل متعمّد، وعمليات برية تخللتها إعدامات ميدانية واختفاء قسري. التقرير أشار إلى أن هذه القوات قتلت ما لا يقل عن 32 مدنيًا، بينهم أطفال، وأحرقت أكثر من 100 منزل في القرى المستهدفة. هذه الجرائم تمثل استهدافًا ممنهجًا للمدنيين الأبرياء، مما يُعتبر انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني.
استمرار معاناة الأزواديين
في الوقت الذي يدفع فيه المدنيون في شمال مالي الثمن الأكبر لهذه الانتهاكات، يبرز معاناة الأزواديين بشكل خاص، إذ يستهدفهم الجيش المالي وفاغنر بشكل مباشر، بحجة القضاء على الحركات المسلحة. الأزواديون، الذين يناضلون منذ سنوات من أجل حقهم في تقرير المصير والعيش بكرامة، يجدون أنفسهم اليوم محاصرين بين نيران الجيش المالي والجماعات الجهادية، في ظل تجاهل المجتمع الدولي لمعاناتهم.
دور الجماعات الجهادية في تأجيج الأزمة
لم تكن الجماعات الجهادية المرتبطة بتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية بعيدة عن دائرة الاتهام، حيث نفّذت هذه الجماعات إعدامات ميدانية شملت ما لا يقل عن 47 مدنيًا منذ يونيو 2024، وأحرقت أكثر من 1000 منزل، مما أدى إلى نزوح الآلاف. ورغم بشاعة هذه الجرائم، إلا أن استمرار الانتهاكات من قِبل الجيش المالي وفاغنر ساهم في خلق بيئة من الإفلات من العقاب، ما يعزّز الفوضى ويُضعف أي جهود لتحقيق الاستقرار.
غياب العدالة وصمت السلطات المالية
أشار التقرير بوضوح إلى أن السلطات الانتقالية في مالي لم تُقدّم أي من أفراد قواتها المسلحة أو مرتزقة فاغنر إلى العدالة بسبب هذه الانتهاكات، مما يعكس استهانتها بحقوق المدنيين. علاوة على ذلك، تجاهلت السلطات طلبات هيومن رايتس ووتش للحصول على توضيحات بشأن هذه الجرائم، وهو ما يعكس غياب الإرادة السياسية لمعالجة الأزمة.
ضرورة التحرك الدولي
إن استمرار الفظائع في مالي يُبرز الحاجة الملحّة لتحرك دولي لوقف الانتهاكات، وضمان حماية المدنيين، ودعم حق الأزواديين في تقرير مصيرهم بعيدًا عن القمع والتهميش. لا يمكن للعالم أن يبقى صامتًا أمام الجرائم المروعة التي يرتكبها الجيش المالي وشركاؤه الروس.
في هذا السياق، يجب على المجتمع الدولي أن يُكثّف الضغط على السلطات المالية لضمان تحقيق العدالة، وأن يُقدّم الدعم للحركات الأزاوادية في سعيها لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. فمن دون مساءلة، ستستمر دائرة العنف في التوسع، وسيبقى المدنيون يدفعون الثمن الأغلى.