تصاعد التوتر في النيجر: ريسا أغ بولا يقود هجومًا مسلحًا ضد المجلس العسكري
يشهد النيجر في الآونة الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في التوترات الأمنية والسياسية، بعد إقدام قائد المجلس العسكري الحاكم، الجنرال عبد الرحمن تياني، على إسقاط جنسية عدد من الشخصيات البارزة بتهم تتعلق بمحاولات لزعزعة استقرار النظام العسكري الجديد. ومن بين هؤلاء الشخصيات، يبرز اسم ريسا أغ بولا، الذي كان سابقًا وزير دولة في حكومة الرئيس المعزول محمد بازوم.
الخلفية السياسية
تأتي هذه التطورات في سياق انقلاب عسكري وقع في يوليو 2023، عندما أطيح بالرئيس بازوم، الأمر الذي أثار سلسلة من الاضطرابات في البلاد. وقد استلم الجنرال تياني السلطة وأصبح رئيسًا للمجلس العسكري. ومنذ ذلك الحين، شهدت البلاد موجة من الانقسامات بين مؤيدين للنظام العسكري ومعارضين له، مما دفع بعض الشخصيات السياسية والعسكرية السابقة إلى الانخراط في محاولات لمقاومة هذا النظام.
أحد هذه الشخصيات هو ريسا أغ بولا، الذي أبدى رفضه الشديد لقرار إسقاط جنسيته. ففي مقطع فيديو قصير نشرته وسائل إعلام محلية ودولية، أعلن أغ بولا أن الجنرال تياني لا يمتلك الحق أو السلطة لسحب جنسيته، مؤكدًا أنه يظل مواطنًا نيجيريًا إلى الأبد. بل ذهب إلى أبعد من ذلك وهدد بمواجهة النظام العسكري الجديد.
الهجوم المسلح: تحول التهديد إلى واقع
لم تكن تهديدات ريسا أغ بولا مجرد تصريحات فارغة. ففي يوم السبت، 19 أكتوبر 2024، نفذت قوات مسلحة تطلق على نفسها “القوات المسلحة الحرة” (FAL) هجومًا منسقًا على ثلاث مواقع تابعة لقوات الدفاع والأمن النيجيرية في منطقة أساماكا، الواقعة في شمال غرب البلاد. هذا الهجوم أسفر عن مقتل سبعة أشخاص، بينهم مدني، بالإضافة إلى إصابة خمسة آخرين.
الهجوم تم باستخدام ست سيارات من طراز تويوتا، وكانت محملة بمسلحين مجهولي الهوية ومسلحين بأسلحة ثقيلة. وفقًا لتقارير ميدانية، شن المهاجمون هجمات متزامنة على ثلاث مواقع عسكرية، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة بين الجانبين. وقد أكدت مصادر رسمية أن القوات النظامية تمكنت من دفع المهاجمين إلى التراجع، حيث تم الاستيلاء على إحدى سياراتهم بعد أن تركوها في ساحة المعركة.
تداعيات الهجوم
تبع هذا الهجوم تحركات مكثفة من قبل القوات النيجيرية، حيث قامت بعمليات تمشيط واسعة للمنطقة بهدف القبض على المهاجمين. وتم اعتقال 37 شخصًا في إطار هذه العمليات، لكن تبين لاحقًا أن معظم المعتقلين كانوا من البدو الرحل الأبرياء الذين احتجزوا كجزء من إجراءات انتقامية من قبل بعض القوات التي سعت للانتقام بعد الخسائر التي تكبدتها.
الهجوم الذي قادته “القوات المسلحة الحرة” يحمل رسالة واضحة للنظام العسكري في النيجر، مفادها أن المقاومة المسلحة للنظام قد بدأت بالفعل، وأن هذه القوات تعتزم مواصلة عملياتها حتى إسقاط النظام العسكري.
الأزمة الأمنية والسياسية في النيجر: نظرة مستقبلية
إن هذه الأحداث تعكس حالة الانقسام العميق داخل النيجر، حيث يواجه المجلس العسكري الحاكم تحديات متزايدة على عدة جبهات، سواء من المعارضة الداخلية أو الجماعات المسلحة التي تسعى لتقويض سلطته. من الواضح أن الجنرال تياني وحلفاءه يواجهون ضغوطًا متزايدة، حيث تبدو قبضتهم على السلطة هشة في مواجهة هذه التحديات.
ومع استمرار التوترات، يبقى السؤال المطروح هو مدى قدرة المجلس العسكري على الصمود في وجه هذه الهجمات، خاصة وأن المقاومة المسلحة، بقيادة شخصيات بارزة مثل ريسا أغ بولا، تبدو مصممة على إنهاء حكم الجنرال تياني بأي ثمن.
إن الوضع في النيجر اليوم يثير قلقًا دوليًا وإقليميًا، حيث يهدد استمرار العنف وزيادة الانقسامات بتفاقم الأزمة الإنسانية والسياسية في البلاد. وفي ظل هذه الظروف، يبدو أن النزاع بين المجلس العسكري ومعارضيه سيستمر لفترة طويلة، ما لم يتم التوصل إلى تسوية سياسية تُجنب البلاد المزيد من الانهيار.