عدد المشاهدات: 0

نيونو تبكي نساءها وأطفالها: خمسون قتيلًا في مجزرة جديدة للجيش المالي وحلفائه الروس.

في 2 أكتوبر 2025، وقعت مجزرة بشعة في دائرة نيونو بولاية سيغو ارتكبها الجيش المالي مدعومًا بميليشيات “الدوزو” ومرتزقة “الفيلق الإفريقي” الروسي، حيث قُتل نحو خمسين مدنيًا معظمهم من الفولاني والطوارق، ومعظم الضحايا من النساء والأطفال، في عملية تميزت بالتعذيب والتصفية الجسدية للرعايا قبل إعدامهم رميًا بالرصاص.

هذا الحدث ليس معزولًا ضمن سجل تصاعدي للانتهاكات ضد مكونات عرقية مسالمة في وسط البلاد وأزواد منذ 2022، وتشمل عمليات قتل، تعذيب جماعي، نهب، وتدمير واسع لممتلكات الفولاني في ماسينا، واستهداف الطوارق والعرب والفولاني في أزواد وتحويلهم جماعيًا إلى متهمين بالإرهاب، رغم كون الغالبية العظمى من الضحايا مدنيين عزل.

خلفية السياق وتحولات التدخل العسكري

مع انسحاب فرنسا (عملية برخان) في 2022، دخلت قوات فاغنر الروسية لسد الفراغ، وشاركت في عمليات عسكرية واسعة مع الجيش المالي منذ نهاية 2021. ارتُكبت خلال تلك الفترة مجازر بارزة مثل مذبحة “مورا” التي راح ضحيتها مئات المدنيين. في يونيو 2025، تم إنهاء دور فاغنر رسميًا، ليتحول الجزء الأكبر منها إلى “الفيلق الإفريقي”، وكلها مرتبطة بالكرملين، واستمر هؤلاء المقاتلون في دعم الجيش المالي باللوجستيات والتدريب والمشاركة في جبهات القتال، مع استمرار تهم القتل الجماعي والانتهاكات.

توثيق الجمعيات الحقوقية للجرائم

حرصت جمعيات كـ”كل أكال” و”التجمع من أجل الدفاع عن الشعب الأزوادي” في أزواد، و”تبيتال بولاكو” في ماسينا، على توثيق الجرائم منذ تصاعد موجة القمع من أغسطس 2023 مع بدء الحرب في أزواد.

تشير تقاريرهم إلى مقتل ما لا يقل عن 4000 مدني من الطوارق والعرب والفولاني في أزواد وماسينا خلال العامين الماضيين، مع إعدامات ميدانية، تدمير قرى بكاملها، وتهجير قسري، ومع وجود نمط انتقائي يستهدف المجموعات العرقية الهشة بصورة متكررة.

نمط ممنهج وتواطؤ دولي

شهادات الناجين وصور موثقة تؤكد تعرض الضحايا للتعذيب قبل القتل، وتدلل على طبيعة الانتهاك الممنهج ذو الطابع الإبادي بحق هذه المكونات. رغم أن عدّة جمعيات حقوقية وثقت الجرائم وقدّمت تقارير أسبوعية وشهرية وفصلية، لم يُسجل أي رد فعل دولي فعال، بل بقي المجتمع الدولي صامتًا ومهملًا رغم كوارث إنسانية تتكرر وتذكر بفظائع تنظيمات إرهابية كالتي عرفتها سوريا والعراق، في حين ينصب جل الاهتمام الإعلامي والدبلوماسي نحو قضايا أخرى مثل قضية فلسطين والحرب في أوكرانيا.

شهادات وتقارير مستقلة

تقارير “هيومن رايتس ووتش” أفادت بتكرار أعمال القتل والإعدام غير القانوني ضد المدنيين من قبل الجيش المالي ومرتزقة فاغنر، وأكدت تنفيذ عمليات عسكرية أودت بعشرات الأرواح الأبرياء، شملت مناسبات اجتماعية مثل حفلات الزفاف والجنازات، مما يدلل على طابع العقاب الجماعي والاستهانة الكاملة بالقانون الإنساني الدولي.

خلاصة

الوضع الحالي في وسط مالي وأزواد يتميز بتصعيد عسكري وتحول طبيعة التدخل الأجنبي، مع هيمنة منهجية العقاب الجماعي والإبادة العرقية ضد الفئات المستضعفة، وتوثيق مدني مستمر يقابله تواطؤ دولي وصمت داخل المؤسسات الأممية. لا يزال المدنيون الطوارق والفولان والعرب يدفعون الثمن الأكبر للسياسات الأمنية وانعدام المساءلة، وسط غياب الحد الأدنى من الحماية الدولية.

Share this content:

أنا صحفي مستقل متخصص في تغطية الأحداث والقضايا الاجتماعية والسياسية في دول الساحل وأزواد. أركز على تسليط الضوء على التحديات الأمنية، حقوق الإنسان، والتنمية الاقتصادية في المنطقة. أسعى لتقديم تقارير موضوعية تعكس صوت المجتمعات المحلية وتساهم في زيادة الوعي الدولي حول القضايا الملحة التي تواجهها هذه المناطق. من خلال استخدام وسائل الإعلام التقليدية والرقمية، أعمل على توثيق التجارب الإنسانية وتعزيز الحوار حول الحلول المستدامة.

اترك رد

قد يعجبك

error: Content is protected !!