عدد المشاهدات: 224

أزمة الوقود تكشف مأزق الدولة: غويتا يطرق باب الجهاديين

تشير مصادر مطلعة إلى أن مفاوضات غير معلنة تجري حالياً بين السلطات العسكرية في باماكو وحركة “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” (JNIM)، بهدف التوصل إلى رفع الحصار المفروض على شاحنات الوقود، وتمكين التجار من إعادة تزويد البلاد بالمحروقات.

وبحسب الصحفي المالي مالك كوناتي ، فإن العقبة الأساسية تكمن في القيود المفروضة على بيع الوقود في القرى من قبل صغار الموزعين. وتفكر السلطات في التراجع عن هذا القرار، من خلال السماح بنقل المحروقات في عبوات صغيرة (كجِرار الزيت) وتوزيعها في المناطق الريفية، في محاولة لتخفيف الأزمة التي بدأت تدفع البلاد نحو شلل اقتصادي.

غير أن هذه الخطوة، التي قد توفر انفراجاً آنياً، تظل محفوفة بالمخاطر. فالتفاوض مع الجهاديين على رفع الحصار دون إبرام هدنة رسمية أو اتفاق شامل قد لا ينتج سوى هدوء مؤقت، بينما تواصل الجماعة المسلحة هجماتها المتصاعدة ضد الجيش المالي (FAMa).

وساطة نيجيرية بدعم محلي

من جهتها، تحدثت إذاعة أزواد الدولية عن وساطة يقودها رئيس النيجر عبد الرحمن تشياني، بطلب من الرئيس المالي عاصمي غويتا، الذي أبدى استعداده خلال زيارة تشياني لباماكو للقبول بوقف إطلاق نار مع الجهاديين. ويعتمد تشياني في هذه الجهود على مواطنه محمد أوتاي، المنحدر من أصول طارقية، والذي سبق أن لعب دور الوسيط في مفاوضات عدة بتكليف من أطراف دولية.

ويرى متابعون أن قبول باماكو بالتفاوض يمثل تراجعاً استراتيجياً وفشلاً لسياسات غويتا التي لم تُثمر سوى عن اتساع رقعة العنف، في وقت يحقق فيه الجهاديون تقدماً لافتاً على الأرض، وصولاً إلى مشارف العاصمة والطرق الحيوية، حيث شهد محور باماكو – سيغو مؤخراً كميناً دامياً أدى إلى مقتل عشرات الجنود الماليين.

واقع أمني متدهور

على الأرض، تكشف العمليات الأخيرة عن قدرة متنامية لـ JNIM على توسيع نفوذه وابتكار أساليب جديدة في مواجهة الجيش. فقد طالت الهجمات الأخيرة محاور استراتيجية مثل سيغو، سيبي، ماركالا، وكايس، مما يعكس هشاشة الوضع الأمني.

في المقابل، تشهد العلاقة بين السكان والسلطات المركزية تآكلاً متزايداً، حيث تقلصت وتيرة تعاون المدنيين مع القوات المسلحة، وضعف تدفق المعلومات الاستخباراتية من المناطق الريفية، وهو ما يعيق عمليات الجيش ويفسح المجال أمام الجماعات المسلحة لترسيخ وجودها.

بين خيارين أحلاهما مر

تبدو السلطات في باماكو اليوم أمام معادلة صعبة: إما الرضوخ لشروط الجهاديين لتخفيف الأزمة الاقتصادية والإنسانية، أو المخاطرة بمزيد من التدهور الأمني في غياب اتفاق شامل يوقف نزيف الدماء.

وبينما يتواصل الضغط الشعبي جراء ندرة الوقود وغلاء المعيشة، تظل التسوية مع جماعة نصرة الإسلام والمسلمين JNIM خياراً محفوفاً بالتبعات، وقد يحسم مستقبل الحرب الطويلة التي أنهكت مالي منذ أكثر من عقد.

Share this content:

أنا صحفي مستقل متخصص في تغطية الأحداث والقضايا الاجتماعية والسياسية في دول الساحل وأزواد. أركز على تسليط الضوء على التحديات الأمنية، حقوق الإنسان، والتنمية الاقتصادية في المنطقة. أسعى لتقديم تقارير موضوعية تعكس صوت المجتمعات المحلية وتساهم في زيادة الوعي الدولي حول القضايا الملحة التي تواجهها هذه المناطق. من خلال استخدام وسائل الإعلام التقليدية والرقمية، أعمل على توثيق التجارب الإنسانية وتعزيز الحوار حول الحلول المستدامة.

اترك رد

قد يعجبك

error: Content is protected !!