عدد المشاهدات:
1٬127
إبراهيم سيديبي يموت منسيًا… والجهاديون يعودون للقتال مقابل تحرير مغاربة.
في خطوة مثيرة للجدل، عمدت السلطات المالية إلى الترويج إعلاميًا لعملية تحرير أربعة سائقين مغاربة، كانوا محتجزين لدى تنظيم “الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى”، وهي عملية تم تصويرها من قبل الإعلام الرسمي في مالي وكأنها “إنجاز وطني”، في وقت تتجاهل فيه نفس السلطات مصير عشرات الجنود الماليين الأسرى، وتظل صامتة حيال ظروف اعتقالهم ومصيرهم.
بحسب مصادر متعددة، فإن هذه العملية لم تكن ثمرة تدخل عسكري أو عمل استخباراتي نوعي كما زعم المجلس العسكري في بيان ، بل جاءت نتيجة صفقة شملت الإفراج عن سجناء محسوبين على الجماعات المتشددة، أبرزهم دادي ولد الشعيب، المعروف بارتباطاته الوثيقة بالحركات الجهادية في الساحل، بالإضافة إلى دفع فدية مالية لم يُعلن عنها رسميًا.
هذه الواقعة تثير أسئلة حرجة حول الأولويات الأمنية والسياسية للسلطة الحاكمة في باماكو:
كيف يمكن تبرير التضحية بأمن الدولة بإطلاق سراح عناصر إرهابية خطيرة مقابل مواطنين أجانب؟
ولماذا يُمنح هذا الحدث تغطية إعلامية واسعة، في حين يُمارس الصمت التام حيال معاناة الجنود الماليين الأسرى؟
تتفاقم هذه التساؤلات في ضوء وفاة المساعد أول إبراهيم سيديبي، المعروف باسم إبراهيم توريه، يوم 24 يوليو الماضي، بعد معاناة طويلة مع المرض، وهو أحد رموز الجيش المالي الذين تم أسرهم في معركة تينزواتين الشهيرة قبل عام. لم تبذل السلطات الانقلابية في بماكو أي مجهود يذكر للإفراج عنه، رغم المناشدات المتكررة من ذويه ورفاقه.
إن مقايضة الإرهابيين بالأجانب، مقابل إهمال الجنود الوطنيين، يشكل سابقة خطيرة تضرب في عمق الروح المعنوية للجيش المالي، وتهز ثقة المواطن في من يفترض أنهم حماة السيادة الوطنية. هذه الازدواجية في التعامل تفضح غياب رؤية استراتيجية متماسكة، وتحيل إلى منطق العلاقات العامة بدل حسابات الأمن القومي.
في الوقت الذي تتزايد فيه التحديات الأمنية في مالي، وتستمر النزاعات المسلحة في أزواد وماسينا، فإن تركيز السلطة على التسويق الإعلامي لنجاحات مشكوك فيها، بدل مواجهة الواقع الصعب بشجاعة ومسؤولية، قد يقود البلاد إلى مزيد من الانقسام والانهيار المؤسسي.
Share this content:
اترك رد