صوت الحق
أخبار الساحل

الانتقال السياسي في مالي: بين الحوكمة والتنصل من المسؤولية


منذ بداية الأزمة متعددة الأبعاد في مالي، باتت استراتيجيات الحوكمة تتأرجح بين البحث عن جهات خارجية لتحميلها المسؤولية، وعجز واضح عن طرح حلول داخلية مستدامة. تحول الخطاب الرسمي إلى لعبة اتهامات وتبرؤ من المسؤوليات، مما ترك المواطنين في حالة من الحيرة أمام الجمود الذي يعيشه الإصلاح الموعود.

رحيل الحلفاء: هروب بلا حلول

تدريجيًا تم التخلص من الشركاء الدوليين، بدءًا من مجموعة الساحل الخمس إلى فرنسا، مرورًا بقوات الأمم المتحدة لحفظ السلام (مينوسما)، بدعوى استعادة السيادة الوطنية. ومع ذلك، فإن استمرار المشاكل الأمنية والاقتصادية يشكك في جدوى هذا الموقف الدفاعي. فإذا كان الهدف هو استعادة السيطرة على مصير البلاد، فإن النتائج ما زالت بعيدة عن التحقق، تاركة مالي عالقة بين انعدام الأمن وضعف الاقتصاد ووصلت الهجمات حتى العاصمة المالية باماكو.

الاتهامات الداخلية: محاولة للتنصل

بعد تحميل الشركاء الدوليين مسؤولية الأزمة، توجهت السلطات الانتقالية إلى توجيه أصابع الاتهام إلى الفاعلين المحليين. تم اتهام موظفي شركة كهرباء مالي (EDM) بسرقة الوقود، وتم تحميل رجال الأعمال مسؤولية الأزمة الاقتصادية، ووجهت اتهامات لبعض المسؤولين المحليين في قضايا فساد. ورغم هذه الاتهامات، لم يتم تحقيق العدالة أو تحقيق أي تحسن ملموس.

شيطنة المواطنين: استراتيجية جديدة

مؤخرًا، تحول الخطاب الرسمي إلى تحميل المواطنين أنفسهم جزءًا من المسؤولية. فقد اتهم رئيس المرحلة الانتقالية أحد المسؤولين المحليين ببيع قطع أراضٍ بشكل غير قانوني، ووجه اتهامات مبطنة لدولة مجاورة باستخدام طائرات مسيرة لزعزعة استقرار البلاد. هذه الخطابات لا تسهم في توحيد الصفوف، بل تزيد الانقسامات وتصرف الانتباه عن الأولويات الملحة، مثل تحقيق الأمن والتنمية الاقتصادية وتعزيز الحوار الوطني الشامل.

الحاجة إلى حوكمة مسؤولة

لا يمكن لمالي أن تستمر في ظل حوكمة تقوم على التنصل من المسؤولية وإلقاء اللوم العشوائي. يجب على السلطات الانتقالية التركيز على إدارة شفافة ومسؤولة، ووضع إصلاحات ملموسة وقابلة للقياس. الشعب المالي، الذي يتوق إلى الاستقرار والتقدم، ينتظر إجراءات حاسمة بدلاً من خطابات الاتهام.

في النهاية، لا تكمن السيادة الحقيقية في مجرد رفض التأثيرات الخارجية، بل في القدرة على تأسيس حوكمة فعالة تتحمل المسؤولية وتبني مستقبلاً قوياً ومستداماً لكل الماليين.

إن قادة المجلس العسكري المالي إرهابيين وأنانيين يتمسكون بالسلطة بالقوة ولا يريدون التخلي عنها ويختلقون اكاذيب و مشاكل لاستمرار حكمهم المليء باالمشاكل الأمنية والاقتصادية

Slide Up
x

صحفي مستقل

أنا صحفي مستقل متخصص في تغطية الأحداث والقضايا الاجتماعية والسياسية في دول الساحل وأزواد. أركز على تسليط الضوء على التحديات الأمنية، حقوق الإنسان، والتنمية الاقتصادية في المنطقة. أسعى لتقديم تقارير موضوعية تعكس صوت المجتمعات المحلية وتساهم في زيادة الوعي الدولي حول القضايا الملحة التي تواجهها هذه المناطق. من خلال استخدام وسائل الإعلام التقليدية والرقمية، أعمل على توثيق التجارب الإنسانية وتعزيز الحوار حول الحلول المستدامة.

مقالات ذات صلة

اترك رد

error: Content is protected !!