الأزمات السياسية والأمنية في الساحل: بين مزاعم الانقلابات وتحديات مكافحة الإرهاب

تشهد منطقة الساحل الإفريقي تصاعدًا في التوترات بين الأنظمة العسكرية الحاكمة في بعض الدول وبين الدول الأعضاء في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (الإيكواس)، مما يعمق الأزمات السياسية والأمنية في المنطقة. تصريحات قائد المجلس العسكري في النيجر، الجنرال عبد الرحمن تياني، جاءت لتسلط الضوء على قضايا شائكة تتجاوز ملف الإرهاب، لتفتح المجال أمام تبادل اتهامات سياسية وأمنية بين الأطراف المختلفة.
مزاعم الاتهامات والإيكواس ترد
صرح الجنرال تياني بأن الدول المجاورة، بما في ذلك نيجيريا، ربما تكون متورطة في زعزعة استقرار بلاده. هذه الادعاءات، التي تفتقر إلى أدلة ملموسة، قوبلت برفض حازم من الإيكواس، التي أكدت دعمها الكامل لنيجيريا وللدول الأعضاء الأخرى.
وفي بيان رسمي، وصفت الإيكواس هذه المزاعم بأنها لا أساس لها، وأشادت بدور نيجيريا في تعزيز السلام والأمن في المنطقة. وأكدت على أن نيجيريا لطالما قدمت الدعم عبر مبادرات إقليمية مثل القوة المتعددة الجنسيات المشتركة (MNJTF)، التي حققت نجاحات ملموسة في مواجهة الجماعات الإرهابية.
الأنظمة العسكرية وتحدياتها الأمنية
بالرغم من ادعاء الأنظمة العسكرية في النيجر ومالي وبوركينا فاسو بأن الإرهاب هو خصمها الأساسي، إلا أن الواقع يظهر عكس ذلك. إذ تسجل هذه الدول هجمات إرهابية أسبوعية تودي بحياة العشرات، وتعرض عتادها العسكري للنهب دون أن تتمكن من التصدي بفعالية لهذه التهديدات.
وفي حين تواصل الأنظمة العسكرية توجيه اتهاماتها إلى جهات خارجية، فإن عجزها عن حماية حدودها وضمان الأمن الداخلي يضعف موقفها أمام شعوبها، التي أصبحت أكثر وعيًا بحقيقة التحديات التي تواجهها.
فرنسا والموقف الإقليمي
تتبنى فرنسا، إلى جانب العديد من الدول الجادة في غرب إفريقيا، موقفًا هادئًا حيال هذه الادعاءات، مما يثير استياء الأنظمة العسكرية. وتعتبر باريس أحد الفاعلين الأساسيين في دعم جهود مكافحة الإرهاب، بالرغم من تقليص وجودها العسكري في المنطقة بعد تدهور علاقاتها مع بعض الأنظمة.
الإيكواس تدعو للحوار والاستقرار
في ظل هذه الأزمة، دعت الإيكواس جميع الأطراف إلى الامتناع عن الإدلاء بتصريحات غير مدعومة بأدلة، والتركيز على تعزيز الحوار والاستقرار في المنطقة. ويظل هذا التوجه ضروريًا لمواجهة التحديات الأمنية الحقيقية التي تعصف بالساحل، وعلى رأسها الجماعات الإرهابية التي تستغل الانقسامات السياسية لتوسيع نفوذها.
الخلاصة
تُظهر الأحداث الأخيرة في الساحل أن التحديات الأمنية والسياسية مترابطة بشكل يصعب تجاهله. وبينما تواصل الأنظمة العسكرية البحث عن شماعات لتبرير إخفاقاتها، يبقى الحوار والتعاون الإقليمي الخيار الأمثل للتغلب على الأزمات وتحقيق الأمن والاستقرار.