النيجر : الجنرال تياني يتهم فرنسا بتمويل قواعد عسكرية في نيجيريا لزعزعة استقرار النيجر .
في تصريح جديد يعكس تزايد التوترات في غرب إفريقيا، اتهم الجنرال عبد الرحمن تياني، رئيس المجلس الوطني لحماية الوطن (CNSP) وقائد الانقلاب في النيجر، فرنسا بتمويل إنشاء قواعد عسكرية تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة. أعلن تياني عبر التلفزيون الوطني النيجري (RTN) أن باريس قدمت أموالاً للسلطات النيجيرية لإنشاء قاعدة عسكرية في ولاية بورنو، وهي خطوة يرى أنها تستهدف على وجه الخصوص الدول المجاورة التي تحكمها مجالس عسكرية.
سياق الاتهامات
تأتي هذه التصريحات بعد أقل من أسبوع من اتهامات مشابهة وجهتها النيجر، بوركينا فاسو، ومالي لفرنسا. هذه الدول الثلاث، التي أصبحت تحت حكم مجالس عسكرية ذات ميول واضحة نحو روسيا، اعتبرت أن باريس تسعى لدعم دول في غرب إفريقيا بهدف زعزعة استقرارها وإضعاف أنظمتها الجديدة.
فرنسا، التي كانت تمتلك قواعد عسكرية رئيسية في هذه الدول، أُجبرت على الانسحاب نتيجة لتصاعد المشاعر المناهضة لها بعد الانقلابات. ومع انسحابها، ملأت الفراغ قوات “فاغنر” الروسية، التي أصبحت شريكاً أمنياً رئيسياً لهذه الأنظمة العسكرية.
تصعيد إقليمي أم إعادة ترتيب جيوسياسي؟
هذه الاتهامات تعكس تحولاً جذرياً في المشهد الجيوسياسي لغرب إفريقيا. فالأنظمة العسكرية الجديدة ترى في فرنسا تهديداً لمصالحها الوطنية، معتبرة أن سياساتها السابقة لم تُحقق الأمن والتنمية. من جهة أخرى، يشير وجود “فاغنر” إلى زيادة النفوذ الروسي في المنطقة على حساب فرنسا، ما يُعيد رسم خريطة التحالفات الدولية في غرب إفريقيا.
ولاية بورنو: نقطة توتر جديدة؟
ولاية بورنو النيجيرية، التي تُعتبر معقلاً لجماعة “بوكو حرام” وتنظيم “داعش في غرب إفريقيا”، أصبحت محوراً جديداً للتوترات الإقليمية. إذا صحت اتهامات تياني، فإن إنشاء قاعدة عسكرية بدعم فرنسي في هذه المنطقة الحساسة قد يؤدي إلى تصعيد أمني خطير، خاصة إذا اعتبرته الدول المجاورة تهديداً مباشراً لها.
فرنسا بين الدفاع والهجوم
حتى الآن، لم تُصدر باريس أي تعليق رسمي على هذه الاتهامات. ولكن، يبدو واضحاً أن فرنسا تواجه تحديات غير مسبوقة في غرب إفريقيا، حيث تتراجع نفوذها بشكل متسارع لصالح قوى أخرى.
مستقبل العلاقات الإقليمية
مع تصاعد التوترات، يُطرح سؤال ملح: هل تتجه المنطقة نحو مواجهة مباشرة بين الأنظمة العسكرية المدعومة من روسيا وفرنسا، أم أن هناك مجالاً للتوصل إلى تسويات سياسية تُخفف من حدة التوتر؟
في الوقت الراهن، يبدو أن النيجر ومالي وبوركينا فاسو تُواصلان السير في طريق الاستقلال عن النفوذ الفرنسي، مدعومة بشراكات جديدة مع روسيا. ومع ذلك، فإن هذا التحول قد يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة إذا لم يتم التعامل مع التحديات الأمنية والسياسية بحكمة.
خاتمة
تصريحات الجنرال تياني تسلط الضوء على مرحلة جديدة من التوترات في غرب إفريقيا، حيث يتداخل الصراع على النفوذ الدولي مع الأزمات الأمنية المحلية. وبينما تسعى القوى الكبرى لتحقيق مصالحها، تبقى شعوب المنطقة هي الأكثر تضرراً، مما يتطلب حلاً إقليمياً ودولياً يُعزز الاستقرار والتنمية بعيداً عن المصالح الضيقة.