صوت الحق
أخبار الساحل

تناقض المواقف: غويتا وتراوري يدينان هجمات تركيا ويتجاهلان جرائم الطائرات المسيرة التابعة لهم ضد المدنيين في أزواد

في الأيام الأخيرة، شهدت منطقة الساحل الإفريقي أحداثًا متسارعة تتعلق بالعنف العسكري والهجمات التي تستهدف المدنيين. ما يثير الاستغراب هو التناقض الكبير في المواقف الرسمية من قادة دول المنطقة مثل الرئيس الانتقالي لمالي، هاشمي غويتا، ورئيس بوركينا فاسو، إبراهيم تراوري، تجاه الأحداث الإقليمية والدولية، خاصة في سياق الهجمات بالطائرات بدون طيار. حيث أدان هؤلاء القادة هجمات مشابهة في تركيا، لكنهم تغاضوا عن الاعتداءات التي ارتكبوها بأنفسهم ضد المدنيين في إقليم أزواد

تناقض المواقف: غويتا وتراوري يدينان هجمات تركيا ويتجاهلان جرائم الطائرات المسيرة التابعة لهم ضد المدنيين في أزواد
صورة توضيحية

هاشمي غويتا يدين هجوم تركيا ويتجاهل هجوم إنجتفن

في بيان صدر مؤخرًا، أدان الرئيس الانتقالي المالي، هاشمي غويتا، الهجوم الإرهابي الذي استهدف مقر الصناعات الدفاعية التركية في العاصمة أنقرة، معبّرًا عن تضامنه الكامل مع تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان، ومشدّدًا على أن مثل هذه الأعمال تهدف إلى تقويض الجهود المشتركة لمحاربة الإرهاب. هذا البيان لقي ترحيبًا واسعًا في الأوساط الدبلوماسية، لكن محليًا أثار موجة من الاستياء بسبب تجاهله الكامل لهجوم آخر، أكثر قربًا وخطورة، نفذته قواته.

ففي 21 أكتوبر 2024، شهدت منطقة إنجتفن، التابعة لولاية تمبكتو، هجومًا بالطائرات بدون طيار شنّته القوات المالية، واستهدف السوق الأسبوعي للمنطقة إلى جانب أحياء سكنية مدنية. هذا الهجوم أسفر عن مقتل 8 مدنيين، بينهم أطفال رضع، وإصابة 20 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة. وقد وُصف الهجوم بأنه عمل وحشي وغير مبرر من قبل منظمات حقوق الإنسان، لكنه لم يلقَ أي إدانة من الحكومة الانتقالية في مالي، رغم بشاعته والضرر الذي ألحقه بالسكان الأبرياء.

هذا التناقض في مواقف غويتا يُظهر ازدواجية في المعايير، حيث يندد بالعنف عندما يحدث في بلد شريك استراتيجي مثل تركيا، لكنه يتجاهل الجرائم التي ترتكبها قواته ضد المدنيين في بلاده، مما يزيد من حدة الاحتقان الداخلي ويعزز الشعور بالظلم في المناطق الأزوادية.

إبراهيم تراوري يندد بالهجوم على تركيا ويتغاضى عن مجزرة تينزاواتين

على الجانب الآخر، سار إبراهيم تراوري، رئيس بوركينا فاسو، على النهج نفسه في إدانة الهجوم الإرهابي الذي استهدف مقر الصناعات الدفاعية التركية. في بيانه، وصف الهجوم بأنه جبان وهمجي، معبرًا عن تضامنه مع الشعب التركي والرئيس أردوغان، ومشددًا على ضرورة الوقوف بحزم ضد كل من يحاول زعزعة استقرار المجتمعات الدولية الساعية للسلام.

لكن ما أثار الاستياء الكبير هو تجاهل تراوري الكامل للهجوم الذي نفذته قواته بالطائرات المسيرة في منطقة تينزاواتين على الحدود بين مالي والنيجر أواخر يوليو 2024. هذا الهجوم أسفر عن مقتل أكثر من 60 مدنيًا، معظمهم من النيجر وتشاد. ورغم حجم المأساة وعدد الضحايا الكبير، إلا أن السلطات في بوركينا فاسو لم تتخذ أي موقف واضح تجاه هذه الجريمة. بل على العكس، أصدر المجلس العسكري بيانًا وصف فيه الضحايا بأنهم “أهداف ذات قيمة عالية”، مما يظهر غيابًا تامًا لاحترام حقوق الإنسان والقوانين الدولية.

تُظهر هذه الحوادث المروعة انحرافًا واضحًا في السياسات التي تتبعها الأنظمة العسكرية في المنطقة، والتي تبدو معنية فقط بحماية مصالحها الداخلية والإقليمية، بينما تتجاهل المعاناة الحقيقية للشعوب المتأثرة بحروب الطائرات المسيرة.

ازدواجية المعايير وتفاقم الأزمة

إن ازدواجية المعايير التي يظهرها قادة مثل هاشمي غويتا وإبراهيم تراوري، تساهم في تعميق الانقسامات الداخلية والإقليمية. فبينما يدينون الهجمات الإرهابية على الساحة الدولية، يتجاهلون تمامًا الفظائع التي ترتكبها قواتهم ضد المدنيين في مالي وبوركينا فاسو. هذه السياسات لا تساهم فقط في زعزعة استقرار المنطقة، بل تدفع أيضًا بالمزيد من الشباب إلى أحضان الجماعات المسلحة، في ظل شعورهم بعدم وجود أي عدالة أو مساءلة.

تستمر منطقة الساحل في مواجهة تحديات جسيمة تتعلق بالأمن والاستقرار، لكن مثل هذه التصرفات من قادة الدول تزيد من تعقيد الوضع، بدلاً من العمل على إيجاد حلول طويلة الأمد تنهي معاناة السكان الأبرياء وتحافظ على وحدة المنطقة واستقرارها.

Slide Up
x

صحفي مستقل

أنا صحفي مستقل متخصص في تغطية الأحداث والقضايا الاجتماعية والسياسية في دول الساحل وأزواد. أركز على تسليط الضوء على التحديات الأمنية، حقوق الإنسان، والتنمية الاقتصادية في المنطقة. أسعى لتقديم تقارير موضوعية تعكس صوت المجتمعات المحلية وتساهم في زيادة الوعي الدولي حول القضايا الملحة التي تواجهها هذه المناطق. من خلال استخدام وسائل الإعلام التقليدية والرقمية، أعمل على توثيق التجارب الإنسانية وتعزيز الحوار حول الحلول المستدامة.

مقالات ذات صلة

اترك رد

error: Content is protected !!