تفاقم استهداف المدنيين في مالي: إحراق و قتل عدد من الفلانيين في شوارع بماكو بعد الهجوم على المطار والدرك .
تشهد مالي تصاعدًا ملحوظًا في وتيرة العنف والعنف المضاد عقب الهجمات الإرهابية، ولا سيما في العاصمة باماكو. في صباح اليوم، استيقظت المدينة على وقع هجوم دموي تبنته جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، استهدف مواقع حساسة كالمطار العسكري وفلاجي، مخلفًا عشرات القتلى من الجنود الماليين وعناصر الدرك. في ظل هذا المشهد الدموي، كان المتوقع أن يكون هناك استنفار أمني وتعاون مجتمعي لمواجهة تهديد الإرهاب. إلا أن ما حدث بعد الهجوم يعكس تحديًا آخر لا يقل خطورة عن الإرهاب ذاته: استهداف المدنيين الأبرياء بسبب انتماءاتهم العرقية.
فبعد دقائق من الهجوم، بدأت تتصاعد أصوات الغضب والانتقام في ضواحي حي فلاجي. كانت الجموع المحلية من الرجال والنساء والأطفال شهودًا على مجزرة جديدة استهدفت المدنيين الفلانيين في المنطقة. لقد تم إحراقهم أحياء و سط شوارع بماكو في مشاهد تعيد إلى الأذهان الحوادث العنصرية التي تتكرر بعد كل هجوم إرهابي على العاصمة. الغضب من الجماعات المسلحة يتم تفريغه على مجموعات مدنية تعيش على الهامش، مما يفاقم من معاناتهم ويزيد من شروخ المجتمع المالي الذي يعاني أصلاً من انقسامات عرقية ودينية معقدة.
إن خطورة استهداف المدنيين في مثل هذه الأوقات لا تقتصر فقط على الجانب الإنساني؛ بل تمتد إلى زيادة التوترات العرقية والتفكك الاجتماعي. استهداف المدنيين بعد هجمات إرهابية يخلق حالة من الاضطراب والفوضى، ويغذي مشاعر العداء المتبادل بين الفئات المختلفة من السكان. هذه الدائرة المفرغة من العنف والعنف المضاد تُعزز الانقسامات وتفتح المجال أمام الجماعات الإرهابية لاستغلال هذا التفكك الاجتماعي في كسب مزيد من الدعم والتأييد من الفئات المهمشة.
جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، التي تبنت الهجوم الأخير، قد أكدت وقوع خسائر فادحة في صفوف الجيش المالي، إضافة إلى تدمير طائرات عسكرية في مطار باماكو. مثل هذه الهجمات تستهدف النظام الأمني والاقتصادي للبلاد، ولكن ردود الفعل المحلية التي تتمثل في الانتقام من المدنيين تزيد من هشاشة الوضع. فبدلاً من توحيد الجهود ضد العدو المشترك، يتم توجيه الغضب نحو الأبرياء، مما يعزز من معاناة السكان ويزيد من فرص اندلاع حروب أهلية على أساس عرقي وديني.
على الحكومة المالية وقوات الأمن أن تأخذ على عاتقها مسؤولية حماية جميع المواطنين، بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية والدينية. تجاهل هذه القضية وتكرار هذه الاعتداءات على المدنيين يشكل تهديدًا للوحدة الوطنية ويمهد الطريق لمزيد من التطرف والعنف. الحل يكمن في تحقيق العدالة للجميع، ومحاسبة المتورطين في مثل هذه الجرائم، والعمل على بناء جسور الثقة بين مختلف مكونات المجتمع المالي. فاستهداف المدنيين، تحت أي ذريعة، لا يقل خطورة عن الهجمات الإرهابية التي تسعى لتدمير نسيج المجتمع.