عدد المشاهدات: 112

ما كانت تخشاه موريتانيا والسنغال… بدأ يحدث!

تتزايد المؤشرات الميدانية والاستخباراتية التي تفيد بأن جماعة نصرة الإسلام والمسلمين (JNIM)، التابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، بصدد تدشين مرحلة توسع جديدة نحو حدود موريتانيا والسنغال، وتحديدًا في المنطقة المعروفة باسم المثلث الحدودي الجديد بين مالي وموريتانيا والسنغال. هذا التمدد يوازي في خطورته ما قامت به الجماعة خلال العقد الماضي في المثلث التقليدي بين مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ووفقًا لمصادر إعلامية وأمنية متعددة، فإن الجماعة، وفي أعقاب هجمات فاتح يوليو الدامية، بدأت تتحرك فعليًا على الأرض نحو هذا المحور الحدودي، في إطار إعادة انتشار استراتيجية تستغل فيها هشاشة الحضور العسكري في هذه المناطق، واتساع رقعة الريف الحدودي شبه المنفلت أمنيًا، إضافة إلى الحاضنة القبلية التي ما زالت تتأرجح بين الحياد الإجباري والانحياز القلق.

من هو أبو هند الليبي؟

الاسم الذي برز بقوة مؤخرًا هو طلحة أبو هند الليبي، وهو أحد القادة البارزين في التنظيم، وقد شغل سابقًا منصب أمير تمبكتو قبل أن يُعزل ويُستبدل بـ عبد الرحمن الجزائري، أحد المقربين من يوسف العنابي، زعيم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.

ورغم عزله من الإمارة السابقة، فإن أبو هند لم يختفِ، بل تشير التقارير إلى أنه كُلف بمهمة جديدة على قدر كبير من الأهمية: قيادة تمدد الجماعة باتجاه الجنوب الغربي نحو موريتانيا والسنغال، انطلاقًا من محيط تمبكتو وغوندام، حيث رُصدت له تحركات ومبايعات داخل خلايا نشطة على طول هذا الشريط الحدودي.

ما بعد 1 يوليو: الهجوم كمقدمة للتوسع

الهجمات التي شنّتها الجماعة في فاتح يوليو، خصوصًا في نيونو، وما تبعها من بيانات دعائية ضخمة، وصور للغنائم العسكرية (سيارات، أسلحة، ذخائر)، لم تكن مجرد استعراض للقدرة، بل كانت رسالة واضحة أن الجماعة ما تزال تحتفظ بالمبادرة العسكرية، وأنها بصدد فتح جبهة جديدة أكثر حساسية جيوسياسية.

فالدول الثلاث — مالي، موريتانيا، والسنغال — تدرك تمامًا أن أي اختراق كبير في هذه المنطقة قد يغير معادلة الساحل بالكامل، خاصة وأن موريتانيا والسنغال ظلتا إلى وقت قريب في منأى نسبي من نشاط الجماعة، باستثناء بعض الحوادث المتفرقة.

لماذا هذا المثلث الحدودي الجديد؟

المنطقة الواقعة بين كاي وكوليكورو، نزولًا نحو بودجيدّي وولاته (موريتانيا) وماتام وكيدوغو (السنغال)، تشكل مثلثًا حدوديًا مهمًا من الناحية الطوبوغرافية واللوجستية. فهي:

  • قليلة التمركز العسكري.
  • تشهد حركة رُحّل وسكان قبليين عابرين للحدود.
  • ذات طبيعة شبه صحراوية تسهّل التخفي والحركة.
  • وتحتوي على مسارات تهريب قديمة يمكن استغلالها لوجستيًا.

في هذه المناطق، بدأ يظهر ما يشبه النواة الأولى لتموضع جهادي مستقر، سواء عبر توفير نقاط ارتكاز لوجستية أو من خلال الاتصال مع خلايا نائمة قديمة أو حتى تجنيد محلي في صفوف الرعاة والشباب الساخطين.

التحدي أمام السنغال وموريتانيا

ما تخشاه نواكشوط وداكار على وجه التحديد هو تحوّل هذه الخلايا إلى “مراكز قيادة محلية” للجماعة، وهو ما سيُدخل البلدين رسميًا في قلب المعركة، بعد سنوات من الاعتماد على سياسات وقائية أمنية واستخباراتية ناجحة نسبيًا. لكن، مع هذا التوسع الجديد، فإن سياسة “العزلة الوقائية” لم تعد كافية.

لقد كان توسع الجماعة في السابق يستغرق سنوات، من التسلل إلى التجنيد ثم العمليات. أما الآن، وبفضل الهجمات الاستعراضية في تمبكتو ونيونو وغيرها، باتت الجماعة تدخل إلى المناطق الجديدة وهي تحمل معها الزخم الإعلامي والغنائم العسكرية والقادة المجربين، ما يجعلها أكثر جاذبية للشباب المحلي.

ختاما:

ما يحدث الآن في الجنوب الغربي لمالي ليس مجرد إعادة تموضع، بل هو رسم لخرائط حرب جديدة تتجاوز الحدود التقليدية للساحل. وإذا لم يتم تدارك هذا التمدد في مهده، فإن الشهور القادمة قد تشهد تغييرًا استراتيجيا في ميدان الحرب ضد القاعدة في غرب إفريقيا، مع كل ما يحمله من تهديد للسلم الإقليمي.

الجماعة لم تصدر بعد بيانا رسميًا عن هذا التوسع، إلا أن الوقائع على الأرض تتحدث بوضوح.

Share this content:

أنا صحفي مستقل متخصص في تغطية الأحداث والقضايا الاجتماعية والسياسية في دول الساحل وأزواد. أركز على تسليط الضوء على التحديات الأمنية، حقوق الإنسان، والتنمية الاقتصادية في المنطقة. أسعى لتقديم تقارير موضوعية تعكس صوت المجتمعات المحلية وتساهم في زيادة الوعي الدولي حول القضايا الملحة التي تواجهها هذه المناطق. من خلال استخدام وسائل الإعلام التقليدية والرقمية، أعمل على توثيق التجارب الإنسانية وتعزيز الحوار حول الحلول المستدامة.

قد يعجبك

error: Content is protected !!