عدد المشاهدات: 462

أتاي أغ محمد: “هدفنا هو تقرير مصير شعب أزواد”

بقلم: [ارنود كاسوين – بنين إنتلجانت]

في وقت تتداخل فيه التحالفات السياسية والميدانية وتزداد فيه الضبابية بشأن مآلات الصراع في منطقة الساحل، تعود قضية أزواد إلى واجهة النقاش السياسي، وهذه المرة من خلال صوت واضح وحازم: اتاي أغ محمد، أحد قيادات جبهة تحرير أزواد، الذي أعاد التأكيد على أن هدف الحركة ليس سوى تقرير مصير الشعب الأزوادي خلال مقابلة حصرية مع بنين إنتلجانت

تأتي تصريحاته الأخيرة في سياقٍ من الشائعات والاتهامات حول احتمال وجود تقارب أو تحالف مع جماعة نصرة الإسلام والمسلمين (JNIM)، وهو ما نفاه بشكل صريح، مؤكدًا أن العلاقة محكومة بواقع الأرض، وليس بتحالفات أيديولوجية أو عسكرية.

أزواد: القضية التي لا تموت

أعاد أغ محمد التذكير بأن قضية أزواد ليست وليدة الأزمات الحالية في الساحل، بل تعود جذورها إلى ما قبل الاستقلالات الإفريقية، وتستند إلى مطالب تاريخية موثقة، مثل الرسالة التي وُجهت إلى الجنرال ديغول عام 1958 من قبل زعماء الطوارق والسونغاي والمور والفولان، وهي تطالب بحق تقرير المصير كحق طبيعي وإنساني.

في رؤيته، لا تتغير المطالب بتغير الزمان، بل تكتسب بعدًا تراكميًا نابعًا من حجم الخذلان والتهميش والانتهاكات التي طالت السكان. فالمبدأ الأساس هو تمكين شعوب أزواد من اختيار مصيرهم: سواء في شكل حكم ذاتي موسع، أو فدرالية، أو حتى استقلال تام.

رفض صريح للحوار مع باماكو

على عكس الدعوات المتكررة من المجتمع الدولي للحوار الشامل، يوضح أغ محمد أن لا مجال لأي حوار مع المجلس العسكري في باماكو. فبحسبه، المجلس فقد شرعيته السياسية والأخلاقية عبر القتل، جلب المرتزقة، إذلال الوجهاء، وانتهاك الكرامة الإنسانية، ما يجعله – بحسب وصفه – لا يختلف في شيء عن تنظيمات مصنّفة إرهابية كداعش.

هذه المقارنة ليست مجرد استعراض سياسي، بل تأتي لتبرير الرفض المطلق لأي شكل من أشكال التفاوض، ما دام الطرف المقابل – أي باماكو – لا يعترف أصلاً بأهل أزواد كشركاء متساوين في الوطن.

النصرة: فاعل محلي أم خصم محتمل؟

أما عن مسألة العلاقة مع جماعة JNIM، فقد كانت تصريحات أغ محمد واضحة: لا يوجد تحالف، لا تنسيق، ولا مشروع اندماج. غير أن المثير في حديثه هو الاعتراف بوجود تقاطعات ظرفية على الأرض، بل وإشارته إلى أن الجماعة الجهادية نفسها كانت من أوائل من عرقل تحركات جبهة أزواد.

إذن، العلاقة بين الطرفين محكومة بالضرورة الجغرافية والمرحلية، لا بتقاطع الأهداف أو القيم. والأهم أن حديثه أزال الغموض السياسي الذي حاولت بعض الأطراف استغلاله لتشويه صورة النضال الأزوادي.

ازدواجية المعايير الدولية

في أحد أكثر مقاطع التصريح إثارة للانتباه، انتقد أغ محمد ما سماه بـ”النفاق الدولي”، متسائلًا: لماذا يُسمح للدول بمحادثة JNIM، وتُدان الحركات المحلية إذا فكرت في ذلك؟ وأضاف: “نحن لا نصنع واقعًا منفصلًا، بل نتعامل مع السكان المحليين، حتى لو كانوا ضمن جماعة مسلحة. فهم جزء من نسيجنا المجتمعي”.

واستشهد بنموذج نيلسون مانديلا، الذي وُصف بالإرهاب لعقود قبل أن يتحول إلى رمز عالمي للحرية، ليوصل رسالة واضحة: الشرعية لا تُمنح من الخارج، بل تُنتزع من نضال الداخل.

في الختام

تصريحات عتايه أغ محمد ليست مجرد موقف سياسي عابر، بل هي خريطة طريق فكرية وتنظيمية لحركة تصرّ على أن لا مستقبل لأزواد إلا من خلال تمكين شعبها. هي دعوة صريحة لتجاوز الحلول الرمادية، وإماطة اللثام عن ازدواجية المعايير في التعاطي مع الحركات المطالبة بالحق، ورفض صريح لأية تسوية لا تضع تقرير المصير في صميمها.

يبقى السؤال: إلى أي حد يمكن للواقع الميداني والدولي أن يستوعب هذا الموقف المتشدد؟ وهل تصمد القضية الأزواديّة في ظل لعبة التوازنات الدولية والضغوط الإقليمية؟
الجواب رهن بالزمن، وبإرادة شعب لم يعد يقبل أن يُدار دون أن يُستشار.

Share this content:

أنا صحفي مستقل متخصص في تغطية الأحداث والقضايا الاجتماعية والسياسية في دول الساحل وأزواد. أركز على تسليط الضوء على التحديات الأمنية، حقوق الإنسان، والتنمية الاقتصادية في المنطقة. أسعى لتقديم تقارير موضوعية تعكس صوت المجتمعات المحلية وتساهم في زيادة الوعي الدولي حول القضايا الملحة التي تواجهها هذه المناطق. من خلال استخدام وسائل الإعلام التقليدية والرقمية، أعمل على توثيق التجارب الإنسانية وتعزيز الحوار حول الحلول المستدامة.

قد يعجبك

error: Content is protected !!