عدد المشاهدات:
263
اشتباكات مستمرة في أنومالن: جبهة تحرير أزواد تُصعّد ضد الفيلق الإفريقي وتحرق آليات عسكرية للتحالف المالي-الروسي
13 يونيو 2025
في تصعيد لافت في قلب الصحراء الكبرى، دخلت جبهة تحرير أزواد (FLA) في مواجهة مفتوحة ومباشرة ضد ما يُعرف بـ”الفيلق الإفريقي”، التشكيل الجديد لمرتزقة فاغنر الروسية، المدعوم من موسكو بشكل غير مباشر، والمتواجد حاليًا في شمال مالي تحت غطاء التعاون العسكري مع حكومة باماكو. ويجري القتال حاليًا في منطقة “أنومالن” ضمن دائرة أغلهوك، في ما يبدو أنه مرحلة ثانية من عملية أوسع بدأت يوم الخميس 12 يونيو 2025 في محيط كيدال، حيث أفادت مصادر ميدانية باحتراق مركبتين عسكريتين تابعتين للجيش المالي والفيلق الإفريقي خلال الاشتباكات الدائرة حاليًا.

هجمات منسقة وضربات نوعية
جاءت الضربة الأولى بمثابة صفعة قوية للتحالف المالي-الروسي، حيث شنت قوات جبهة تحرير أزواد عملية خاطفة استهدفت دورية مشتركة للجيش المالي وعناصر من الفيلق الإفريقي في منطقة تاجمرت، الواقعة قرب كيدال. وأسفرت العملية عن مقتل ما لا يقل عن 4 مرتزقة روس و3 جنود ماليين، بالإضافة إلى تدمير مركبتين عسكريتين وشاحنة إمدادات.
ولم تكتف القوات الأزوادية بذلك، بل تبعت الهجوم البري بقصف مدفعي دقيق استهدف المعسكر العسكري الرئيسي في كيدال، حيث تتواجد قوات الفيلق الإفريقي إلى جانب وحدات من الجيش المالي. ووفق مصادر محلية، فقد أدى القصف إلى خسائر بشرية ومادية في صفوف القوات المتمركزة داخل المعسكر، دون تسجيل أي إصابات في صفوف المهاجمين، ما يشير إلى دقة التخطيط والانسحاب السريع بعد التنفيذ.
رمزية المعركة: شارات المرتزقة في الأرض
لكن الأثر الأعمق للعملية لم يكن في الخسائر البشرية وحدها، بل في البعد الرمزي والسياسي للعملية. فقد نشرت صفحات ومصادر مقربة من جبهة تحرير أزواد صورًا لما قالت إنها شارات تعريف عسكرية روسية، تُركت على الأرض بعد انسحاب المرتزقة بشكل فوضوي. هذه الصور تُعد بمثابة دليل مادي على انخراط روسيا المباشر، رغم محاولات موسكو طمس بصماتها بعد تحويل فاغنر إلى “الفيلق الإفريقي”.
هذا الانسحاب المتعجل الذي أعقب الضربات يُظهر أن التكتيكات الروسية لا تزال غير فعالة في بيئة الصحراء، حيث تتفوق قوات المقاومة المحلية بفضل معرفتها الدقيقة بالأرض، وتكتيكاتها في حرب العصابات الخاطفة.
جبهة تحرير أزواد: أول من كسر هيبة الفيلق الإفريقي
بهذه العملية، تسجل جبهة تحرير أزواد أول انتصار ميداني حقيقي على “الفيلق الإفريقي” منذ ظهوره الرسمي كبديل لمجموعة فاغنر في مالي. ويؤشر هذا الحدث إلى ثلاثة تحولات كبرى:
- تفوق استخباراتي أزوادي واضح في تعقب تحركات العدو.
- هشاشة التشكيل الروسي الجديد رغم الإمكانيات العالية، خاصة مع خسارة عنصر المفاجأة.
- تصاعد الروح القتالية والزخم الشعبي في أزواد ضد ما يُعتبر “مشروعاً استعمارياً روسياً-مالياً”.
رد فعل الحكومة المالية: غارات مرتجفة وغياب النتائج
في رد فعل سريع، أطلقت القوات المالية حملة غارات جوية بالطائرات المروحية في منطقة “تاجمرت”، لكن الغارات وُصفت بأنها “غير دقيقة” ولم تسفر عن أي خسائر في صفوف قوات FLA، ما يعكس مجددًا ضعف القدرات الاستباقية والتكتيكية للتحالف المالي-الروسي في مواجهة عمليات مباغتة.
ما بعد العملية: توقعات بتصعيد روسي
الهزيمة في كيدال، وإن لم تكن واسعة النطاق ميدانيًا، فإنها تحمل دلالة استراتيجية كبيرة، وقد تدفع موسكو إلى:
- تعزيز الوجود العسكري الروسي عبر إرسال وحدات جديدة أو دعم تقني إضافي للفيلق الإفريقي.
- تصعيد الانتقام ضد المدنيين في المناطق المشبوهة بتأييدها للمقاومة.
- حملات تضليل إعلامي لنفي الخسائر، رغم انتشار الصور والقرائن.
رسالة سياسية من كيدال إلى موسكو وباماكو
الهجوم الأخير ليس مجرد عملية عسكرية، بل هو بيان سياسي صارخ: أزواد لن تكون ساحة لتجارب الجيوسياسة الروسية، ولا ميدانا لحروب بالوكالة على حساب السكان الأصليين. وإن كانت فاغنر قد انسحبت شكلياً، فإن “الفيلق الإفريقي” أثبت أنه وريث هزائمها وأخطائها، في حين تزداد جبهة تحرير أزواد إصراراً على المضي في مشروعها التحرري.
قتال اليوم في أنومالن: بداية مرحلة جديدة؟
في تطور جديد صباح 13 يونيو، اندلع اشتباك عنيف بين FLA وعناصر من الفيلق الإفريقي في منطقة “أنومالن”، ضمن دائرة أغلهوك، مما يُشير إلى أن العمليات الأزواديّة دخلت مرحلة هجومية ممتدة، قد تشمل استنزافًا طويل الأمد للتحالف المالي-الروسي في مواقع متفرقة من شمال مالي، ما لم يتم إعادة تقييم استراتيجية الانتشار والتدخل.
خلاصة
ما حدث في كيدال، ويجري في أنومالن اليوم، ليس إلا بداية لمعادلة جديدة في الشمال المالي. المقاومة الأزوادية لم تعد مجرد مجموعات محلية، بل باتت تُجيد استخدام القوة الرمزية والذكاء الميداني، في حين يبدو أن الفيلق الإفريقي دخل ساحة معركة لا تشبه أي مسرح عمليات خاضه سابقًا.
السؤال الآن: هل تعيد موسكو وباماكو حساباتهما؟ أم تتجه المنطقة نحو مزيد من التصعيد والمواجهات المفتوحة؟
Share this content:
اترك رد