عدد المشاهدات:
97
المجلس العسكري يمدد حكمه لخمس سنوات.. ونصرة الإسلام تدعو لإقامة “حكومة شرعية” في مالي
في خطوة تعكس توجه المجلس العسكري في مالي الى الديكتاتورية العسكرية، أقرّ مجلس الوزراء في مالي، الأربعاء، مشروع قانون يقضي بتمديد المرحلة الانتقالية ومنح رئيس الدولة ولاية جديدة مدتها خمس سنوات قابلة للتجديد، دون تحديد جدول زمني واضح لانتخابات ديمقراطية في المستقبل القريب. القرار يأتي بناءً على توصيات الحوار الوطني الذي عُقد في أبريل 2025، والذي دافع عن بقاء رئيس المرحلة الانتقالية في السلطة لضمان تنفيذ إصلاحات مؤسسية وسياسية ضرورية قبل العودة إلى صناديق الاقتراع.
غير أن هذا التحول السياسي في باماكو يتزامن مع تصاعد كبير في التهديدات الأمنية، حيث باتت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، المرتبطة بتنظيم القاعدة، تقترب من مشارف العاصمة المالية بعد سلسلة هجمات دامية شنتها في أقاليم أزواد ووسط وجنوب البلاد، امتدت حتى غرب مالي. وتشير تقارير ميدانية إلى سقوط مئات من الجنود الماليين في مواقع مثل بولكسي وجورا وماهو، فضلاً عن أسر عشرين جندياً في بولكسي، ظهرت صورهم في شريط مصوّر بثته الجماعة يوم الثلاثاء الماضي.
في بيان ناري صدر عنها، دعت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين ألى “إقامة حكومة شرعية في مالي”، وحثت القبائل والأعراق كافة على الوقوف صفاً واحداً في مواجهة ما وصفته بـ”الغزاة والمحتلين”، في إشارة مباشرة إلى القوات الروسية، وتحديداً مجموعة فاغنر، التي قالت الجماعة إنها ارتكبت “مجازر بحق المدنيين”، معتبرة أن انسحاب فاغنر أخيراً يمثل “نصراً كبيراً” لها.
ويبدو أن الجماعة الجهادية تسعى لاستثمار الانقسامات السياسية والتوترات الداخلية في مالي لتعزيز موقفها. فقد تعهدت بمواصلة القتال حتى تحقيق ما وصفته بـ”الاستقلال الحقيقي في ظل الشريعة الإسلامية”، محذّرة موسكو من “تكرار التجربة السوفياتية في أفغانستان”. وتفاخر البيان بـ”انتصارات ميدانية” حققتها الجماعة على الجيش المالي والقوات الروسية في أكثر من جبهة، مؤكداً أن “المرحلة المقبلة ستكون أكثر حسماً”.
هذا التصعيد الخطير من جهة الجماعة يتزامن مع توجه مالي، إلى جانب النيجر وبوركينا فاسو، نحو مزيد من الانفصال عن الأطر الإقليمية التقليدية، مثل المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (الإيكواس)، في مسعى لتكريس سيادة وطنية متحررة من الضغوط الدولية و القيود الاستعمار الفرنسي إلى الاستحمار الروسي و زعم السيادة الوطنية رغم استضافة قوات أجنبية في البلدان الثلاثة بعد عجز الجيوش النظامية من توقيف الثوار و الجهاديين على حد سواء . لكن هذه السياسات لم تُترجم حتى الآن إلى استقرار فعلي، بل يبدو أن البلاد تنزلق إلى مزيد من الاستقطاب بين مشاريع حكم انتقالية طويلة الأمد ورؤى مسلحة تدّعي تمثيل “الشرعية الدينية”.
في ظل هذا المشهد المعقّد، يبقى السؤال الأهم: هل يسهم تمديد المرحلة الانتقالية في تعزيز الاستقرار والإصلاح، أم أنه يفتح الباب أمام فراغ شرعي يُستغل من قبل الجماعات المسلحة؟ الإجابة قد تتضح قريباً، لا من قاعات الاجتماعات، بل من دخان المعارك المتصاعد من محيط باماكو.
Share this content:
اترك رد