عدد المشاهدات: 0

ضربة اقتصادية موجعة للحكومة المالية: جماعة النصرة تسيطر على مركبة لنقل الأموال في ضواحي باماكو

باماكو – 5 يونيو 2025 / 9 ذو الحجة 1446 هـ

في تطور لافت ونوعي يعكس التغيّر الكبير في مسرح العمليات داخل مالي، أعلنت جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” تنفيذ عملية استهدفت مركبة حكومية لنقل الأموال في ضواحي العاصمة باماكو، يوم الأحد الماضي. وأسفرت العملية عن مقتل عنصر من الجيش المالي، والاستيلاء على مبلغ ضخم يُقدّر بمئات الملايين من الفرنك الإفريقي، بالإضافة إلى اغتنام سلاح رشاش غربي الصنع.

❖ نوعية الضربة وموقعها:

ما يجعل هذه العملية فريدة وخطيرة في آنٍ معًا، هو أنها وقعت قرب العاصمة باماكو، التي كانت إلى وقت قريب تعتبر بمثابة المنطقة “الأكثر تحصينًا” من الناحية الأمنية، ومركز الثقل السياسي والعسكري للنظام الحاكم بقيادة العقيد أسيمي غويتا.

بهذا الهجوم، تثبت الجماعة قدرتها ليس فقط على تنفيذ عمليات نوعية، بل أيضًا على اختراق الدوائر الاقتصادية والعسكرية الحساسة للدولة في عمق مناطق نفوذها، مما يوجه رسالة واضحة بأن العاصمة لم تعد بمنأى عن الخطر.

❖ تفاصيل العملية:

  • المكان: ضواحي العاصمة باماكو
  • الزمان: يوم الأحد، 5 يونيو 2025
  • الأطراف:
    • المستهدف: مركبة لنقل الأموال تابعة للحكومة المالية
    • المنفذ: وحدة من جماعة نصرة الإسلام والمسلمين
  • النتائج:
    • مقتل عنصر من الجيش المالي كان مكلفًا بتأمين المركبة
    • الاستيلاء على مبلغ مالي ضخم يُقدّر بمئات الملايين من الفرنك الإفريقي
    • اغتنام رشاش غربي يرجّح أنه كان بحوزة القوات الحكومية

لم تكن العملية مجرد ضربة أمنية محدودة، بل خطوة استراتيجية تفتح باب التمويل الذاتي بعد أن توفرت الأسلحة والتجهيزات. لقد اكتملت الحلقة الآن: السلاح في اليد، والخبرة في الميدان، والتمويل بات واقعًا. أما الحكومة، فبدل أن تحارب الإرهاب، كرّست جهدها لاضطهاد الأبرياء وملاحقة الضعفاء بسبب لون بشرتهم أو انتمائهم العرقي، في مشهد يكشف زيف شعاراتها. وإن كان لا بد من تسمية “الإرهاب” باسمه، فالأجدر أن يُلصق بمن يمارس القتل العنصري باسم الدولة… حكومة إرهابية بكل المقاييس.

❖ توثيق بالصور ورسالة سياسية:

قامت الجماعة بنشر صور توثق العملية والغنائم، في خطوة اعتادت عليها لإثبات مصداقية بياناتها وكسر الرواية الرسمية للدولة، كما تمثل هذه الصور أداة حرب نفسية تهدف إلى التأثير على معنويات الجيش المالي والرأي العام المحلي والدولي.

1004510303 ضربة اقتصادية موجعة للحكومة المالية: جماعة النصرة تسيطر على مركبة لنقل الأموال في ضواحي باماكو

❖ البعد الاقتصادي للعملية:

تمثل هذه العملية ضربة اقتصادية مباشرة للدولة المالية، في وقت تمر فيه البلاد بأزمة مالية خانقة نتيجة العقوبات الإقليمية، وتراجع المساعدات الدولية بعد الانقلاب، وانسحاب الشركاء الغربيين.

فاستهداف مركبة نقل الأموال لا يضرب فقط منظومة التمويل الحكومي، بل يهدد سلاسة دفع الرواتب وتمويل العمليات العسكرية ويؤشر إلى هشاشة الجهاز المالي في مواجهة التمدد الجهادي.

❖ دلالات أمنية خطيرة:

  • الاقتراب من العاصمة: تنفيذ العملية في محيط باماكو يؤكد أن الجماعة أصبحت قادرة على تجاوز الطوق الأمني التقليدي حول العاصمة.
  • استهداف المال والسلاح: يشير إلى تغيير في استراتيجية الجماعة من التركيز على الثكنات إلى شلّ قدرات الدولة الاقتصادية.
  • رسالة واضحة للمجلس العسكري: لا توجد منطقة آمنة في مالي اليوم، حتى قلب العاصمة أصبح مهددًا.

❖ الخلفية والسياق:

تأتي هذه العملية ضمن سلسلة من الهجمات التي نفذتها الجماعة في مختلف مناطق مالي خلال الأسابيع الأخيرة، من بولاكيسي إلى سيكاسو، مرورًا بـتومبكتو وجورا، وهي هجمات أوقعت مئات القتلى في صفوف الجيش وأدت إلى السيطرة على ثكنات ومدرعات وكميات ضخمة من الأسلحة والذخائر.

❖ ختامًا:

تُعد هذه العملية الاقتصادية النوعية تطورًا بالغ الخطورة في مسار الصراع داخل مالي، إذ تكشف قدرة الجماعة على التنقل والتخطيط والهجوم في قلب العاصمة، وتهدد بشكل مباشر ركائز الاقتصاد والأمن المالي للدولة.

في ظل هذا التصعيد، تبقى الأسئلة الكبرى معلقة: هل يستطيع المجلس العسكري الحاكم استعادة زمام المبادرة؟ أم أن البلاد تتجه نحو انهيار أمني واقتصادي شامل؟

Share this content:

أنا صحفي مستقل متخصص في تغطية الأحداث والقضايا الاجتماعية والسياسية في دول الساحل وأزواد. أركز على تسليط الضوء على التحديات الأمنية، حقوق الإنسان، والتنمية الاقتصادية في المنطقة. أسعى لتقديم تقارير موضوعية تعكس صوت المجتمعات المحلية وتساهم في زيادة الوعي الدولي حول القضايا الملحة التي تواجهها هذه المناطق. من خلال استخدام وسائل الإعلام التقليدية والرقمية، أعمل على توثيق التجارب الإنسانية وتعزيز الحوار حول الحلول المستدامة.

اترك رد

قد يعجبك