عدد المشاهدات:
200
انتقام الجبناء: الجيش المالي يسلّم الأبرياء للأهالي بعد فشله في صدّ الهجوم على تمبكتو
في خضمّ الهجوم العنيف الذي شهدته مدينة تمبكتو مؤخرًا، وقعت جريمة تقشعرّ لها الأبدان، ليست فقط لجُرمها، بل للطريقة التي تمّت بها، وللأصوات التي باركتها بالصمت أو بالتشفي… ومن دفع الثمن؟ عبدو أغ تاهما، الشاب الطيب من قبيلة “كل الحورما”، الذي لم يكن يحمل سلاحًا، ولم يكن يومًا من المتشددين أو الخارجين على القانون. بل كان داخل المستشفى يرافق والدته المريضة، قبل أن تُكتب له شهادة الموت بدم بارد.

طلب منه الطبيب وصفة دواء، فخرج عبدو إلى صيدلية “دمبلي”، اشترى ما يلزم، وخرج عائدًا ليكمل برّ والدته… إلا أن الحرب باغتته. لم يكن يحمل سلاحًا، لم يكن حتى على علم بما يجري خارج أسوار المستشفى.
لكن الجيش المالي، في لحظة من فقدان العقل والضمير، ألقى القبض عليه، ثم سلّمه لمجموعة من الأهالي، الذين ـ ويا للأسى ـ هم من ذات الحي الذي ترعرع فيه، يعرفونه جيدًا، لعب معهم، كبر بينهم… ومع ذلك، قتلوه.
لكن لم يكتفوا بالقتل.
بكل لؤمٍ ووحشية، كسروا رجليه، ثم رأسه، ثم أحضروا النار ليحرقوا جسده الطاهر.
أي وحشية هذه؟ أي دين يرضى بهذا؟ أي قانون؟ أي ذرة إنسانية؟
هل لأن اسمه عبدو أغ تاهما؟ هل لأن بشرته بيضاء؟ هل لأنه من الطوارق؟ من المظلومين في أرضهم؟
القاتل لا يقوى إلا على العزّل
لم يقتلوا مقاتلي الجماعة التي هاجمتهم، تلك الجماعة واجهتهم بندّية، بالسلاح، وقتلت من جنودهم ما يقارب الأربعين. بل إن بعضهم هرب من موقعه، وترك السلاح والموقع.
لكن الجيش لم يجد شجاعته إلا على أمثال عبدو.
بل وقتلوا حتى أحد جنودهم، لأنه كان من الطوارق. نعم، جندي أبيض البشرة، حين رأى الهجوم أراد أن يدخل ليساعد رفاقه، لكنهم قتلوه، وهم يعلمون تمامًا من هو. فقط لأن بشرته بيضاء.
هذا جيش أم عصابة؟ هؤلاء قادة أم مجرمون؟
رسائل لا بد أن تُقال
إلى الجيش المالي: العار سيلاحقكم، لا لأنكم خسرتم مواقعكم، بل لأنكم خسرتم أخلاقكم. مَن يسلّم الأبرياء للذبح، مَن يرضى بحرق الجثث، مَن يقتل رفاقه على أساس العِرق، لا يستحق شرف حمل السلاح.
إلى حكومة باماكو ونواب البرلمان: ما هو دوركم؟ أن تتفرجوا؟ أن تباركوا؟ أن تُدفن الحقائق؟ إن لم تفتحوا تحقيقًا شفافًا، فإنكم شركاء في الجريمة.
إلى الشعب المالي الشريف: عبدو أغ تاهما لم يكن خصمًا لكم، كان أخًا، جارًا، صديقًا. قتل الأبرياء عارٌ لن يُمحى. وإن كان القاتل من بينكم، فلا تسكتوا. لا تقفوا مع الباطل لأنه من جلدتكم. الرسول ﷺ قال: «من رأى منكم منكرًا فليغيره…»، فليكن صوتكم شاهدًا ضد الظلم.
إلى المحكمة الجنائية الدولية: هذه ليست حادثة معزولة. إنها سياسة. إنها جرائم ضد الإنسانية تُمارَس باسم الدولة والجيش، وتُغطّى باسم محاربة الإرهاب. افتحوا تحقيقًا. زُوروا تمبكتو. اسألوا عن عبدو أغ تاهما، واسألوا عن غيره. فهناك عشرات، بل مئات القصص.
Share this content:
اترك رد