عدد المشاهدات:
111
من صدام إلى أزواد: كيف تُقمع الشعوب وتُشرعن الخيانة باسم القانون؟
في زمن اختلطت فيه المفاهيم، وانقلبت الموازين، أصبح قول الحقيقة تهمة، والدفاع عن الكرامة تطرفًا، والمطالبة بالتحرر جريمة. لم يعد هناك شيء اسمه “عدالة دولية” أو “شرعية أممية”. كل ذلك مجرد أدوات صُممت لتمنح الغطاء لهيمنة الدول الكبرى، وتُخرس كل صوت يهدد مصالحها.
من صدام إلى الأزواديين: الحق ممنوع إن لم يخدم الأقوياء
من الذي قرر أن صدام حسين يجب أن يُشنق؟ من منح الشرعية لرئيس لا يملك قراره في باماكو بينما يُقصف الأزواديون تحت ذريعة “الوحدة الوطنية”؟ إن الشرعية التي يتحدث عنها العالم ليست نابعة من إرادة الشعوب، بل من إرادة من يرسمون الحدود ويحمون المصالح. الأزواديون لم يطالبوا إلا بحق مشروع: الكرامة والحرية. فصُنِّفوا على أنهم “متمردون” فقط لأنهم رفضوا أن يبقوا عبيدًا في دولة لم تعترف بوجودهم.
كذبة السلاح النووي: غزو العراق بذرائع مفبركة
أكبر كذبة في التاريخ المعاصر هي كذبة “أسلحة الدمار الشامل” التي زعمت أمريكا أن صدام حسين يمتلكها. لم يكن هناك دليل حقيقي، ومع ذلك شُنّت حرب شاملة على العراق، ودُمِّر بلد بأكمله، وقُتل الملايين، وانتهت بسيطرة كاملة على ثرواته ومصيره. وبعد سنوات، اعترف حتى القادة الأمريكيون أنفسهم أن الأدلة كانت مفبركة. إنها جريمة، لكنها جريمة “مبررة دوليًا” لأن من ارتكبها هو القوي.
أسامة بن لادن: المجاهد الذي صار إرهابيًا حين انتهت خدمته
أسامة بن لادن لم يغيّر فكره يومًا. حمل السلاح ضد السوفييت في أفغانستان بدعم أمريكي، وكان يُسمى مجاهدًا وبطلًا. وبعد أن انتهت مهمته، وأصبح يرفض الوجود الأمريكي في بلاد المسلمين، تحوّل فجأة إلى العدو رقم واحد. لم يكن ذلك بسبب فكره، بل لأن موقفه لم يعد يخدم المصالح الغربية. نفس الشخص، بنفس الفكرة، فقط موقعه في لعبة السياسة تغيّر.
المقاومات الإفريقية: صوت الحرية الذي لا يُسمع
في إفريقيا، من الكونغو إلى بوركينا فاسو إلى أزواد، شعوب تنتفض ضد أنظمة عميلة، واستعمار مستتر، ونهب منظم للثروات. لكن بدل دعم هذه الشعوب، يتم تسليح الأنظمة لقمعها، ويُطلق على المقاومين وصف “خارجين عن القانون”. العالم لا يريد لأفريقيا أن تنهض، لأن نهوضها يعني نهاية هيمنة طويلة.
فلسطين: جلب المستعمر باسم وعد باطل
القدس لم تكن يومًا بلا شعب. لكن المستعمر جُلب من كل أصقاع الأرض ليُفرض على أهلها بالقوة، وبمباركة القوى الكبرى. وعد بلفور كان جريمة لا تقل عن الاحتلال العسكري، بل كان شرعنته. واليوم، من يقاوم الاحتلال يُسمى إرهابيًا، ومن يذبح الأبرياء يُسمى جيشًا نظاميًا.
الشيشان، البوسنة، الصين، الهند: الدم المسلم مباح
في الشيشان، قُمعت كل حركة تحرر باسم “مكافحة الإرهاب”. في البوسنة، ارتُكبت مجازر بحق المسلمين تحت أنظار الأمم المتحدة. في الصين، يُسجن الإيغور ويُغسَل وعيهم بدعوى “إعادة التأهيل”. في الهند، يُضطهد المسلمون يوميًا بتواطؤ حكومي. كل هذه الجرائم تمر دون عقاب، لأن الضحية مسلم، والجاني يملك موقعًا في ميزان القوى.
الإرهاب: الكلمة التي تقتل الحقيقة
كل من يطالب بطرد المحتل، أو باسترجاع الأرض، أو بالتحرر من النفوذ الأجنبي، يُتهم بالإرهاب. حتى وإن كان سلاحه هو الكلمة. الإرهاب ليس وصفًا موضوعيًا، بل أداة لتشويه أي مقاومة حقيقية.
الحرب لا ترحم، والضعفاء يموتون أولًا
حين تشتعل الحرب، فلا مكان للإنسانية. لا مكان للمدنيين، ولا الأطفال، ولا النساء. هذه الحقيقة التي يرفض المنافقون الاعتراف بها. في كل حرب، يسقط الضعفاء أولًا. وليس ذلك ظلمًا… بل واقعًا لا يرحم. من أراد أن يعيش، فعليه أن يُعدّ نفسه، وإلا سيكون أول من يُمحى.
لا توجد قوانين… فقط موازين قوة
من يؤمن بالقانون الدولي فهو لا يفهم اللعبة. العالم لا تسيره القوانين، بل القوة. من يملك المال والسلاح والإعلام، هو من يقرر من هو الإرهابي، ومن هو الشرعي. أما من لا يملك، فمصيره أن يُمحى، أو يُصنّف كعدو.
الوعي خطر على النظام القائم
من يتحدث بالحقيقة اليوم يُتهم بالتطرف. من يقول أن الاستعمار لا يزال قائمًا يُسجن. من يرفض الخضوع يُهاجم. لأنهم يعرفون أن الوعي أخطر من أي سلاح. لأنه يفتح العيون، ويكشف الأكاذيب، ويحرّض على التمرد. وكل ما يُخيفهم هو التمرد.
في الختام:
ما يقال عن القانون الدولي، عن الشرعية، عن محكمة الجنايات، كل ذلك لا يساوي شيئًا عند من عرف الحقيقة. نحن نعيش في عالم تحكمه المصالح، والحق فيه لا مكان له إلا إذا جاء من فوهة بندقية، أو من قلب مقاومة ترفض أن تركع.
هذه ليست دعوة للعنف، بل دعوة للفهم: من لا يفهم أنه مستهدف، لن ينجو. ومن لا يرفع صوته الآن، سيُدفن بصمت.
فليُفهم هذا جيدًا: نحن لا نكره السلام، لكننا نكره أن يُفرض علينا الذل باسم السلام.
Share this content:
اترك رد