عدد المشاهدات:
94
تصاعد نفوذ JNIM في غرب مالي: تهديد متزايد لموريتانيا والسنغال
في تقرير حديث أصدره معهد تمبكتو السنغالي في 28 أبريل 2025، كشف عن تنامي خطير في أنشطة جماعة نصرة الإسلام والمسلمين (JNIM) الموالية لتنظيم القاعدة في غرب مالي، وخصوصًا في منطقة كاي، مشيرًا إلى تحول هذه الجماعة إلى تهديد مباشر ومتزايد لكل من موريتانيا والسنغال المجاورتين. التقرير الذي اعتمد على بيانات دقيقة من منظمة ACLED المختصة في رصد الصراعات، حذر من مخططات ممنهجة تهدف إلى تطويق العاصمة المالية باماكو، والتسلل تدريجيًا إلى داخل الأراضي الموريتانية والسنغالية عبر مسارات اقتصادية وتجارية.
سبعة أضعاف: تصعيد غير مسبوق في الهجمات
بحسب التقرير، فقد تضاعف عدد هجمات JNIM في منطقة كاي سبع مرات خلال الفترة بين عامي 2021 و2024. وشملت هذه الهجمات كمائن وتفجيرات بعبوات ناسفة يدوية الصنع، استهدفت بشكل رئيسي القوات المسلحة المالية. من أبرز هذه الهجمات، عملية مطار باماكو التي وقعت في 17 سبتمبر 2024، وأسفرت عن مقتل أكثر من 67 عنصرًا من طلاب الدرك ومرتزقة فاغنر، إضافة إلى تدمير الطائرة الرئاسية وعدد من الطائرات العسكرية(اضغط هنا لقراءة التفاصيل الكاملة) .
ومع ذلك، لم تقتصر أهداف الجماعة على الجيش فقط، بل توسعت لتشمل شخصيات دينية مؤيدة للنظام العسكري الحاكم، مثل الداعية ثيرو هادي تال الذي استُهدف في ديسمبر الماضي، ما يشير إلى بُعد سياسي ودعائي في هجمات الجماعة.
خنق باماكو… عبر الطريق إلى السنغال
واحدة من أخطر استراتيجيات الجماعة، كما ورد في التقرير، هي محاولاتها لعزل العاصمة باماكو عن طريق قطع شريانها التجاري الحيوي الممتد نحو كاي وصولاً إلى الحدود السنغالية. هذه الخطة تهدف إلى:
- شلّ الحركة التجارية والتموينية لباماكو.
- تشتيت جهود القوات الأمنية وجعلها تحارب على عدة جبهات.
- إحكام الطوق حول العاصمة تمهيدًا لحصارها أو زعزعة استقرارها.
وهو تكتيك مشابه لما اعتمدته الجماعات الجهادية في وسط مالي سابقًا، حيث فرضت ضرائب غير شرعية، ومدّت نفوذها عبر الخُطب الدعوية والاستغلال الديني.
التسلل الناعم نحو السنغال وموريتانيا
رغم أن JNIM لا تمتلك بعد قواعد ثابتة في موريتانيا أو السنغال، إلا أن التقرير يؤكد على وجود اختراق اقتصادي منظم لتلك الدول، يتم عبر:
- تهريب الماشية المسروقة من مالي وإعادة بيعها في الأسواق الموريتانية والسنغالية.
- التحكم بالغابات واستغلال تجارة الأخشاب، خاصة على الجانب المالي من الحدود.
- إجبار بعض التجار المحليين على التعاون غير المباشر مع الجماعة من خلال شبكات التهريب.
هذه الأنشطة تمنح الجماعة دخلًا ماليًا مستقرًا، وتخلق لها قنوات نفوذ اجتماعي واقتصادي قد تتحول لاحقًا إلى قواعد تجنيد وتوسع.
بوادر التجنيد عبر التهميش والفقر
المعهد السنغالي لم يغفل الجوانب الاجتماعية التي قد تستغلها الجماعة، مشيرًا إلى أنها تسعى لتجنيد شبان من السنغال وموريتانيا مستغلة:
- الفقر والبطالة المنتشرة في بعض المناطق.
- التهميش الاجتماعي والتمييز الطبقي داخل بعض المجتمعات.
- غياب الفرص وانعدام الأمل لدى بعض فئات الشباب.
ورغم أن هذه المحاولات لم تثمر حتى الآن، إلا أن المعهد دعا حكومات البلدين إلى التحرك قبل فوات الأوان.
توصيات عاجلة
اختتم التقرير بجملة من التوصيات أبرزها:
- تعزيز التواجد العسكري في المناطق الحدودية.
- تحسين التعاون الأمني وتبادل المعلومات بين موريتانيا والسنغال ومالي.
- محاربة الاقتصاد غير الرسمي الذي تستغله الجماعة.
- برامج توعية وتكافؤ اجتماعي لمحاربة الخطاب المتطرف والتجنيد الأيديولوجي.
خلاصة
ما تشهده منطقة كاي في مالي ليس مجرد تصعيد عسكري عابر، بل هو جزء من خطة طويلة الأمد لجماعة JNIM تهدف إلى تحويل غرب أفريقيا إلى مسرح دائم للنفوذ الجهادي، بدءًا من مالي ومرورًا بموريتانيا والسنغال. ويمثل هذا التقرير جرس إنذار حقيقي للمنطقة، خصوصًا في ظل غياب التنسيق الإقليمي الكافي، ووجود ثغرات أمنية واقتصادية يستغلها الجهاديون ببراعة.
Share this content:
اترك رد