عدد المشاهدات:
94
تحالف AES: مالي تلتمس الدعم من المغرب لقمع الأزواديين وتوسيع النفوذ الإقليمي
في خطوةٍ مثيرة للجدل ومليئة بالتناقضات، التقى وزراء خارجية مالي وبوركينا فاسو والنيجر يوم 28 أبريل 2025 بجلالة الملك محمد السادس في الرباط، في إطار ما وُصف بتعزيز العلاقات بين الكونفدرالية الجديدة لدول الساحل (AES) والمملكة المغربية. غير أن هذه الخطوة تطرح تساؤلات حقيقية عن نوايا مالي، التي يبدو أنها تسعى لعقد تحالفات جديدة لاستخدامها كغطاء سياسي لقمع الشعب الأزوادي، مما يعكس تحوُّلًا مثيرًا في خطاب باماكو وتحالفاتها الإقليمية.
مقال مهم: الزلاقة: السيطرة على مقر عسكري في بوركينا فاسو وسلسلة تفجيرات تهز مالي والنيجر
ماذا جاء في البيان المشترك مع المغرب؟
بحسب البيان الصحفي الصادر عقب اللقاء، عبّر وزراء خارجية مالي (عبد الله ديوب)، بوركينا فاسو (كراموكو تراوري)، والنيجر (باكاري سانغاري) عن:
- امتنانهم للمغرب على عدم التدخل في شؤونهم الداخلية.
- إشادتهم بـ”المبادرة الملكية لربط دول الساحل AES بالمحيط الأطلسي”.
- رغبتهم في توسيع العلاقات ضمن إطار “التعاون جنوب-جنوب”.
لكن القراءة الواقعية لهذا البيان تكشف عن رسائل سياسية مبطنة، لا سيما في ظل الاتهامات المتكررة لهذه الدول بقمع الحركات الأزوادية
تناقضات تاريخية تفضح نوايا خفية
اللافت في هذا الاجتماع هو أن مالي التي التمست دعم الملك محمد السادس، هي ذاتها التي شنت هجمات عسكرية على شعب أزواد في الأشهر الماضية، بل وتستخدم في ذلك الطائرات المسيّرة التركية.
والأكثر إثارة أن الملك محمد السادس نفسه كان قد استقبل قبل سنوات زعيم أزواد “بلال آغ الشريف” في الرباط بحفاوة رسمية، في ما فُسّر حينها كرسالة دعم سياسية للقضية الأزوادية. فكيف للرباط أن تستقبل اليوم وزراء حكومة تحاصر شعبًا كانت قد أبدت تعاطفًا معه؟
فتّش عن الخطأ: أهو تحوّل في سياسة المغرب؟ أم استغلال تكتيكي من باماكو لشرعنة قمعها باسم السيادة؟
قمع أزواد: الهدف غير المعلن لتحركات مالي
وفق مصادر دبلوماسية، فإن مالي تسعى للحصول على غطاء مغربي لتبرير عملياتها في أزواد أمام المجتمع الدولي، خاصة أن الجزائر باتت على موقف أكثر وضوحًا في دعم “حق تقرير المصير” في شمال مالي، وهو ما تعتبره باماكو تهديدًا لوحدتها الترابية.
ويأتي هذا الاجتماع في وقت تتصاعد فيه الهجمات الإرهابية والتفجيرات في النيجر وبوركينا فاسو ومالي، ما قد يدفع المغرب إلى تبرير علاقاته مع دول AES تحت غطاء “مكافحة الإرهاب”، رغم أن الواقع على الأرض يُظهر أن الإرهاب غالبًا ما يُستخدم كذريعة لقمع الحركات التحررية.
أين تقف الجزائر من هذه التطورات؟
من المعروف أن الجزائر تتبنى موقفًا حذرًا لكنه داعم للحوار مع الحركات الأزوادية، وهو ما أثار امتعاض مالي ورفاقها في التحالف العسكري الجديد AES. وتأتي تحركات مالي نحو المغرب كإشارة ضمنية على رغبتها في محاصرة الدور الجزائري في الساحل عبر استمالة الرباط، رغم الخلاف المغربي-الجزائري العميق حول قضايا إقليمية أبرزها ملف الصحراء.
ومن هنا، فإن محاولة مالي كسب دعم المغرب تمثل خطوة معاكسة لمسار تاريخي من المواقف، وتحمل في طيّاتها رسائل مستفزة للجزائر، التي تراقب بحذر تمدد النفوذ المغربي في منطقة كانت تُعتبر تقليديًا ضمن مجال نفوذها الجيوسياسي.
تحالفات مريبة تحت غطاء “التعاون جنوب-جنوب”
على الرغم من استخدام خطاب التعاون الإقليمي، فإن مراقبين يرون أن هذا التقارب بين المغرب وتحالف AES ليس بريئًا، خاصة أن الدول الثلاث تواجه عزلة إقليمية ودولية متزايدة بعد انسحابها من منظمة “الإيكواس”، وتسعى عبر هذا اللقاء إلى كسب شرعية جديدة على حساب قضايا الشعوب التي ترزح تحت الاستبداد العسكري.
وفي الوقت الذي يدّعي فيه التحالف أنه يسعى للتنمية والاندماج الإقليمي، تُظهر الوقائع أن التنمية في الساحل لا يمكن أن تنجح في ظل قمع داخلي وتمييز ضد مناطق مثل أزواد، وأن أي مبادرة حقيقية يجب أن تمر عبر احترام الحقوق السياسية والعرقية والثقافية للشعوب المهمشة.
خلاصة المقال:
- اللقاء بين وزراء خارجية مالي والنيجر وبوركينا فاسو مع الملك المغربي محمد السادس يحمل تناقضًا سياسيًا كبيرًا خاصة من طرف مالي.
- مالي تسعى إلى شرعنة قمعها لشعب أزواد عبر تحالفات شكلية مع دول مثل المغرب.
- الموقف المغربي اليوم يتعارض مع استقباله السابق لقيادات أزوادية، مما يطرح علامات استفهام حول ازدواجية المعايير.
- الجزائر، المستهدفة ضمنًا من هذا التحالف، قد تجد نفسها مضطرة لإعادة ضبط استراتيجيتها تجاه الساحل لمواجهة هذا التمدد.
- قضية أزواد تظل محورًا أساسيًا لفهم تفاعلات السياسة في الساحل، وهي مرآة تكشف حقيقة مواقف الدول من قضايا الشعوب.
Share this content:
اترك رد