السونغاي والتهميش المستمر: هل نشهد تحوّلًا استراتيجيًا نحو المطالب الأزواديّة؟
يشهد إقليم أزواد ، وخاصة ولاية غاو، في الآونة الأخيرة حراكًا سياسيًا واجتماعيًا متصاعدًا من طرف المكون السونغاي، الذي يُعد أحد المكونات الأصلية والعريقة في المنطقة، وقد برزت مؤخرًا أصوات داخل هذا المجتمع تعبر عن استيائها المتزايد من تعامل الدولة المالية مع قضاياهم، وفي مقدمتها الإقصاء من برامج إعادة الإدماج والتنمية، وتهميش دورهم السياسي والاجتماعي.
وجاء البيان الأخير الصادر عن “التحالف من أجل المنظمات والحركات السونغاي والحلفاء”، تحت رقم 2025-003 بتاريخ 25 أبريل، كوثيقة سياسية شديدة اللهجة، تتهم السلطات المحلية والجهات الأمنية بتعمد إسكات صوت السونغاي عبر الترهيب والاحتواء بالقوة، رغم أن التحالف عبّر بوضوح عن سلمية حراكه، ووطنيته، ورفضه القاطع لأي مساس بوحدة مالي.
جذور الأزمة: تهميش مزمن وتجاهل رسمي
منذ استقلال مالي سنة 1960، لم تحظَ ولايات أزواد (كيدال، تمبكتو، غاو ، مينكا و توديني ) – بالعناية التنموية التي تتناسب مع حجمها الجغرافي وثرواتها الطبيعية. وقد كان من أبرز نتائج هذا التهميش اندلاع عدة انتفاضات مسلحة من قبل الطوارق والعرب، في 1963 و 1990، و2006 و 2008، والأخيرة في عام 2012، والتي أفضت إلى إعلان دولة أزواد من طرف “الحركة الوطنية لتحرير أزواد”.
لكن ما لا يعرفه كثيرون هو أن مكوّن السونغاي، ورغم تموضعه التقليدي كطرف موالٍ لوحدة الدولة، قد عانى بدوره من التهميش السياسي والتنموي، وتعرض لمحاولات تهميش إعلامي وسياسي من طرف السلطات المركزية والمحلية، إلى جانب تقليل من حضوره التاريخي في بناء هوية الإقليم.
هل يقترب السنغاي من الطرح الأزوادي؟
يبدو أن التهميش المزمن، وعدم إشراك السونغاي في برامج مهمة مثل DDR (نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج)، شكل نقطة تحول في العلاقة بين الدولة وهذا المكوّن الاجتماعي المهم. للمزيد يرجى قراءة هذا المقال: غاو: رغم رفض السلطات المحلية لمظاهرتهم …السونغاي يطالبون بزيادة حصتهم في عمليات الاندماج.
فالتحالف السونغاي عبّر بوضوح عن أن مطالبهم لا تُقابل بالحوار، وإنما بالقمع والتجاهل، مما يفتح الباب أمام تساؤل جوهري: هل يسير السونغاي نحو إعادة تموضعهم السياسي، وربما التلاقي مع جبهة تحرير أزواد؟
ما يعزز هذا الاحتمال هو أن عددًا من الشخصيات السونغاي البارزة كانت حاضرة في الحركات الأزوادية، مثل المناضل محمد جيري ميغا، الذي شغل منصب نائب رئيس المجلس الانتقالي لدولة أزواد عام 2012، قبل أن يتم اغتياله لاحقًا في باماكو. هذه المشاركة التاريخية تدل على أن بين السنغاي وغيرهم من الأزواديين من الطوارق و العرب قواسم مشتركة، قائمة على رفض الظلم، والمطالبة بالعدالة والمساواة، والحق في التمثيل السياسي.
خطاب التهدئة لا يخفي الغضب المتصاعد
رغم نبرة الخطاب الوطني الذي حمله بيان التحالف، والذي أكد فيه التزام السونغاي بالدولة المالية ووحدة أراضيها، إلا أن ذلك لا ينفي وجود غضب متصاعد في الشارع السونغاي، خاصة وأن الحكومة لم تُظهر أي جدية حتى الآن في الاستجابة لمطالبهم. بل إن استخدام القوة ضد مظاهرة سلمية، يوحي بأن السلطات ما زالت تنظر بعين الريبة إلى أي تحرك شعبي في أزواد، حتى ولو كان سلميًا ووطنيًا.
أزواد والجنوب: ثروات تُنهب وشعوب تُقصى
إن الدولة المالية منذ استقبالها في 1960 لا ترى في منطقة أزواد إلا مصدرًا للثروات الطبيعية (الملح، النفط، الذهب، الفوسفات…) دون أن تنعكس هذه الثروات على واقع سكان المنطقة، الذين يعانون من الفقر، غلاء الأسعار، غياب البنى التحتية، وانعدام الأمن.
نحو تحالف شعبي في أزواد؟
إذا استمرت السلطات في تجاهل مطالب السونغاي، والتعامل معهم بلغة الحديد والنار، فإن احتمال تبلور تحالف شعبي بين السونغاي والطوارق والعرب لم يعد مستبعدًا. هذا التحالف، إن حصل، سيكون ضربة قاصمة لوحدة مالي، لأنه سيفقد الدولة آخر حلفائها الشعبيين في أزواد.
فالسنغاي، على عكس غيرهم، ظلوا لعقود يدافعون عن وحدة مالي، ورفضوا الانضمام للحركات الأزوادية، بل ووقفوا في وجه بعض هذه الحركات خلال حراك 2012. أما الآن، فإنهم يبدون مستعدين لإعادة النظر في مواقفهم، خصوصًا إذا لم يجدوا آذانًا صاغية في باماكو.
خاتمة: مالي على مفترق طرق
إن الوضع الراهن يتطلب من الحركات الأزوادية وقفة جادة ومسؤولة تجاه السونغاي بدعمهم و الوقوف بجانبهم وفتح الباب لهم بالانخراط التام في صفوف جبهة تحرير أزواد وإن كانت الأبواب مفتوحة سابقا إلا التذكير مهم أن السنغاي مكون اساسي مهم من المجتمعات الأزوادية .
وأن شعوب أزواد هم الطوارق والعرب السنغاي و الفلان وليست ازواد ملكا للطوارق أو العرب فقط وإنما هي لجميع أبناء أزواد
Share this content:
اترك رد