تركيا تدعم قمع الأزواديين: الطائرات المسيّرة تفضح تحالف أنقرة مع باماكو

تركيا تدعم قمع الأزواديين: الطائرات المسيّرة تفضح تحالف أنقرة مع باماكو

في تصريحات أثارت جدلًا واسعًا واستياءً متزايدًا بين الأوساط الحقوقية والسياسية، وصف سفير تركيا في باماكو يوم أمس السلطات العسكرية المالية بأنها “مكسب ثمين للشعب المالي وللمنطقة”، مؤكدًا مجددًا دعم بلاده الكامل لما أسماها “الحرب على الإرهاب”. كما شدد على أن تركيا تمتلك “وسائل متطورة وخبرة كبيرة في هذا المجال” وستضعها تحت تصرف السلطات المالية، التي وصفها بـ”الحليف الإستراتيجي”.

لكن خلف هذا الخطاب الدبلوماسي الناعم، تتكشف حقيقة مرّة ومؤلمة: دعم عسكري مباشر من تركيا لنظام انقلابي متهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية بحق السكان المدنيين في أزواد، وعلى رأسهم الطوارق، العرب، الفولان، عبر تزويده بطائرات مسيّرة تركية تُستخدم في استهداف القرى والمخيمات، كما حصل في قصف تلهنداك الأخير الذي أودى بحياة مدنيين بينهم طفلان.

اقرأ أيضًا: قصف تلهنداك يثير غضب الأزواديين: DIRPA بطلة غينيس في الكذب

تصريحات مثيرة وتحالفات مشبوهة

أثارت التصريحات التركية الجديدة امتعاضًا في العديد من الأوساط، خاصة في الجزائر، حيث نقلت وسائل إعلام جزائرية أن دعم تركيا غير المشروط لسلطات باماكو يُنظر إليه كـ”اصطفاف مع نظام عسكري يقود المنطقة نحو الفوضى والانتهاكات”.

وتأتي هذه التصريحات تكرارًا لمواقف سابقة للسفير التركي، ما يكشف عن تحول واضح في توجهات أنقرة الخارجية، من دعم الشعوب إلى دعم الأنظمة القمعية التي تستخدم الطائرات المسيّرة التركية، مثل “بيرقدار TB2″، في ضرب أهداف مدنية شمال مالي.

الطائرات التركية المسيّرة: أدوات قمع خارج الحدود

بحسب تقارير مجموعة الأزمات الدولية, فإن الجيش المالي نفّذ عشرات الغارات الجوية بواسطة طائرات مسيّرة، غالبًا ما تستهدف قرى معزولة أو تجمعات بدوية لا تملك وسائل دفاع أو حتى صوت يُسمع في الإعلام الدولي. ويؤكد ناشطون أزواديون أن هذه الغارات تتم غالبًا باستخدام مسيّرات تركية الصنع، ما يجعل تركيا شريكة في هذه الجرائم.

الغارات على تلهنداك، تينزاواتين، وباقي مناطق كيدال وتمبكتو كلها حصلت طائرات مسيرة تركية الصنع، مما يعزز الاتهامات الموجهة لأنقرة.

تناقض تركيا: دولة “إسلامية” تدعم من يقتل المسلمين؟

الأوساط الشعبية والحقوقية في أزواد والعالم الإسلامي تتساءل: كيف يمكن لدولة تُعلن التزامها بالإسلام وقيمه، أن تدعم نظامًا عسكريًا يقتل الأطفال والشيوخ بالطائرات؟

الدعم التركي لباماكو لا يمكن فصله عن مواقف مشابهة دعمت فيها تركيا أنظمة قمعية في أماكن أخرى، وهو ما يدفع العديد من المحللين إلى اعتبار هذا الدعم جزءًا من طموح توسعي واستراتيجي لا أخلاقي، لا علاقة له بالإسلام أو العدالة.

تركيا في أزواد: مصالح تجارية أم حسابات نفوذ؟

يعتقد مراقبون أن الوجود التركي في مالي لا يقتصر على الجانب الأمني، بل يشمل كذلك الاستثمار في مشاريع البنى التحتية، التعدين، والتعليم الديني الموجه، في محاولة لبناء نفوذ طويل الأمد في منطقة الساحل، خاصة بعد الانسحاب الفرنسي وتصاعد الدور الروسي عبر مجموعة فاغنر.

لكن المشكلة تكمن في أن هذا الحضور يأتي على حساب المدنيين، وبتحالفات مشبوهة مع أطراف متهمة بارتكاب جرائم إبادة جماعية، ما يفقد تركيا أي مصداقية أخلاقية في المنطقة.

ماذا يقول القانون الدولي؟

وفقًا لمعاهدات جنيف, يُعدّ تزويد أطراف نزاع داخلي بأسلحة تُستخدم ضد مدنيين جريمة تدخل في باب الاشتراك في جرائم الحرب، ويُمكن أن تُعرّض المسؤولين الأتراك للمساءلة أمام المحاكم الدولية إن توفرت الأدلة.


دعم تركيا لجرائم باماكو… وصمة عار لا تُمحى

إن الدعم التركي المتزايد لنظام باماكو، من خلال تزويده بالمعدات الحربية وتغطية سياساته إعلاميًا، يجعل من أنقرة شريكًا مباشرًا في الانتهاكات المتواصلة ضد سكان أزواد. وإذا كان السفير التركي يرى في هذه السلطات “مكسبًا”، فإن الدماء التي تسيل يوميًا في كيدال وتمبكتو وتاودني تقول العكس.

وعلى تركيا أن تختار بين صورتها كـ”نصير للمظلومين”، أو كدولة تبيع السلاح للظالمين وتشاركهم جرائمهم تحت شعارات زائفة.

Share this content:

أنا صحفي مستقل متخصص في تغطية الأحداث والقضايا الاجتماعية والسياسية في دول الساحل وأزواد. أركز على تسليط الضوء على التحديات الأمنية، حقوق الإنسان، والتنمية الاقتصادية في المنطقة. أسعى لتقديم تقارير موضوعية تعكس صوت المجتمعات المحلية وتساهم في زيادة الوعي الدولي حول القضايا الملحة التي تواجهها هذه المناطق. من خلال استخدام وسائل الإعلام التقليدية والرقمية، أعمل على توثيق التجارب الإنسانية وتعزيز الحوار حول الحلول المستدامة.

اترك رد

قد يعجبك