جريمة تلهنداك تثير غضب الناطق باسم FLA : ديربا بطلة غينيس في الكذب
في ساعة مبكرة من صباح اليوم، 22 أبريل 2025، نفذت طائرة مسيّرة تابعة للجيش المالي غارتين جويتين متتاليتين على أهداف مدنية في بلدة تلهنداك التابعة لولاية كيدال، مما أدى إلى مقتل مدنيين اثنين وإصابة آخرين، بينهم مهاجرون أجانب، إضافة إلى تدمير عدد من الممتلكات، دون وجود أي مبرر عسكري واضح.
وقد اعتبرت جبهة تحرير أزواد FLA هذه العملية جريمة جديدة ترتكبها “الطغمة العسكرية الإجرامية في باماكو”، مؤكدة أنها تندرج ضمن سياسة ممنهجة تستهدف سكان أزواد العزّل، وتشكل “برهانًا جديدًا على وحشية عمياء وسياسة إرهاب منظم” ضد الشعوب الأمازيغية في شمال البلاد.
تلهنداك تفاصيل الغارات: قصف سيارات ومهاجرين نائمين
بحسب مصادر محلية وشهود عيان، استهدفت الغارة الأولى مرآبًا يحتوي على سيارات مدنية، ما أدى إلى مقتل شخصين من كبار السن وتدمير سيارتين. أما الغارة الثانية، فوقعت بعد دقائق، واستهدفت خيمةً كان يستظل بها عدد من المهاجرين الأجانب أثناء توقفهم المؤقت في البلدة، فأُصيب عدد منهم، فيما دُمرت السيارة التي كانوا يستخدمونها في رحلتهم.
هذه الوقائع الدامية تُنفي بشكل قاطع ما ادعته قيادة الجيش المالي، التي زعمت في بيان رسمي أن الغارة جاءت نتيجة “معلومات استخباراتية دقيقة” تفيد بوجود “إرهابيين” في المنطقة. لكن شهادات السكان والتقارير الميدانية أكدت خلو تلهنداك من أي وجود عسكري أو مسلح في تلك الليلة، ما يجعل من هذا القصف جريمة حرب مكتملة الأركان.
التضليل الإعلامي: بين الحقيقة والدعاية العسكرية
الناطق الرسمي باسم جبهة تحرير أزواد، محمد المولود رمضان، لم يُخفِ غضبه من هذا التلاعب بالحقائق، مؤكدًا في تصريح رسمي:
“لو وُجد رقم قياسي للكذب في صحيفة غينيس، لكانت الـ DIRPA (مديرية الإعلام التابعة للجيش المالي) هي البطل بلا منازع.”
هذه ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها الجيش المالي غطاء “محاربة الإرهاب” لتبرير استهداف المدنيين. فلطالما روّجت باماكو لانتصارات وهمية عبر بيانات مفبركة، في الوقت الذي تُنقل فيه جثث الشيوخ والأطفال من تحت الأنقاض.
فاغنر واليد الروسية في أزواد
مصادر أمنية في المنطقة أشارت إلى أن الضربة تمت بدعم فني مباشر من مرتزقة فاغنر الروسية، الذين ينشطون في مالي منذ سنوات، ويشكلون الذراع الخفي للانتهاكات التي يرتكبها النظام المالي ضد سكان أزواد. وتُتهم فاغنر بإدارة وتشغيل أنظمة الطائرات المسيّرة، وتوجيه عمليات القصف، خاصة تلك التي تستهدف مناطق الشمال.
العقاب الجماعي: استراتيجية ممنهجة ضد الأزواديين
تأتي غارات تلهنداك في سياق سياسة طويلة الأمد تنتهجها السلطات في باماكو، وتعتمد على العقاب الجماعي لكل منطقة يُشتبه في تعاطفها مع الحركات الأزوادية أو ترفض الخضوع للنفوذ العسكري المالي. ومن أبرز الانتهاكات التي تم تسجيلها:
القتل خارج القانون دون محاكمة أو إجراءات قضائية.
الاعتقالات العشوائية والتعذيب في السجون السرية.
حرق المنازل والمخيمات وتشريد العائلات.
تدمير ممتلكات مدنية، منها سيارات ومزارع.
التدهور البيئي جراء حرق الغابات والمناطق السكنية، كنوع من الضغط القسري على السكان المحليين.
الصمت الدولي: تواطؤ أم غياب ضمير؟
رغم بشاعة هذه الانتهاكات المتكررة، لا تزال المنظمات الدولية والمجتمع الدولي يمارسان صمتًا مريبًا. لا إدانة، لا تحقيق، ولا حتى تنديد لفظي. ما يُثير الاستغراب هو أن هذا الصمت يتزامن مع ازدياد وتيرة الدعم الأوروبي لباماكو في ملف مكافحة الإرهاب، وكأن العالم قرر التضحية بأزواد مقابل توازنات سياسية سطحية.
تلهنداك: نداء إلى الضمير العالمي
تُطالب جبهة تحرير أزواد بإلحاح بضرورة فتح تحقيق دولي عاجل في جرائم الحرب التي تُرتكب في شمال مالي، ووضع حد للغطاء السياسي والدبلوماسي الذي تستتر خلفه السلطات المالية. كما تدعو إلى نزع السلاح الجوي عن مالي، أو على الأقل تقييده دوليًا في ظل الاستخدام الإجرامي الحالي للطائرات المسيّرة.
ما حدث في تلهنداك ليس استثناءً، بل هو جزء من مسلسل دموي طويل تُخرجه باماكو وتُنتجه فاغنر، بينما يُبث على الهواء مباشرة أمام أعين العالم “المتحضّر”. فإلى متى يبقى الدم الأزوادي بلا قيمة؟ ومتى يتحرك الضمير العالمي لإنقاذ شعبٍ يُذبح تحت ستار “الحرب على الإرهاب”؟
بقلم: إدارة التحرير – خاص لموقع صوت الحق
Share this content:
اترك رد