بعد أزمة الجزائر مع دول الساحل:
أزواد يمضي نحو إعلان الاستقلال التام عن مالي

كشف قيادي في “جبهة تحرير أزواد” عن عزم قيادة الجبهة إعلان الاستقلال التام للإقيلم المهمش عن مالي بعد فشل جميع سبل الحوار والسلام مع “الأنظمة الانقلابية” في باماكو، ما سيعيد المنطقة إلى أجواء 6 من أبريل 2012 التي أعلن فيها عن قيام “دولة أزواد”.
ويأتي تصميم الجبهة على هذه الخطوة، بعد حادثة الدرون التابع للجيش المالي الذي انتهك الحدود الجزائرية مطلع أبريل وتم إسقاطه، وبعد تجاوز مالي لكل الخطوط الحمراء وعزمها على ملاحقة الأزواديين على خطوط التماس الحدودية مع الجزائر.
وكانت السلطات الجزائرية قد طلبت من مالي عدم ممارسة أية أعمال عسكرية قرب حدودها بمسافة لا تقل عن 100 كيلو متر، فيما يصر الجيش المالي على ملاحقة الأزواديين من مسافة صفر كيلو متر، ما ورط باماكو في انتهاك حدود الجزائر التي تعد مجالا مشتركا لسكان أزواد.
وقال قيادي أزوادي بارز (لا يمكن ذكر اسمه)، “إن إعلان دولة أزواد لا يعد قضية مستجدة، بل إن الأمر قد تم بالفعل منذ عام 2012 ولم يتم التراجع عنه، لكن تم تعليقه فقط بسبب تدخل المجتمع الدولي وقيادته لمحادثات سلام مع مالي، ومنذ ذلك الوقت أردنا أن نثبت لهم حسن نوايانا من جهة، وما تضمره سلطات باماكو تجاه هذه القضية”.
وقال المصدر: حكام باماكو لا يحظون بأية شرعية دولية في الوقت الراهن، ولأن مالي نفسها مختطفة من قبل الانقلابيين الذين جلبوا فاغنر، وسلحتهم تركيا بطائرات مسيرة تطارد الأزواديين وتقتلهم وتحرقهم، لذا لا مناص من المضي في إعلان الاستقلال هذا لإنقاذ الإقليم.
وحسب منظمات حقوقية، مورست في الصحراء في الفترة الماضية أكبر عملية تطهير عرقي للأزواديين على يد عناصر تابعة للجيش المالي تقودها مليشيات فاغنر الروسية، أدت إلى عمليات قتل جماعية، وإلى قتل الماشية وردم الآبار وتسميمها، وتهجير معظم السكان نحو موريتانيا والجزائر.
وفقدت باماكو حليفها الأبرز الجزائر بعد حادثة الدرون، بعد أن لعبت الأخيرة دورا حيويا في منطقة الساحل للحيلولة دون انفصال إقليم أزواد عن مالي، فيما اتهمت باماكو الجزائر بأنها أصبحت مأوى للإرهابيين في إشارة إلى قادة أزواد الذين التقوا العام الماضي بالرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، ما أثار غضب الجزائر واستنكارها وجحود دورها.
وحسب محللين فإن باماكو استغنت عن الدور الجزائري الذي خدمها عقودا طويلة بعد جلب نظام عاصمي غويتا لمليشيات فاغنر، وتوقيعه لمعاهدات تسليح ودعم مع روسيا وتركيا، وهي صفقات رأت باماكو أنها ستسمح لها بفرض واقع جديد في المنطقة بعد خروجها من منظمة إيكواس، وبعد عقد تحالف مع جارتيها النيجر وبوركينافاسو في تجمع اقتصادي ودفاعي مشترك.
وفي العاصمة باماكو المطوقة بجماعات إرهابية، لا يزال الشارع السياسي في انقسام كبير، حيث تجنح الغالبية إلى ضرورة زوال النظام العسكري القائم بأسرع ما يمكن، بعد قطع صلات البلاد مع المجتمع الدولي، وتدهور الوضع الأمني والاقتصادي.
وتدور في أروقة المنظمة الأفريقية إيكواس خطط لإزاحة الأنظمة العسكرية في الساحل (مالي والنيجر وبورينافاسو) لإفساح المجال مجددا أمام عملية سياسية واسعة يكون أزواد جزءا منها.
وتجنح قيادات أزوادية بارزة إلى أن فك الارتباط مع باماكو أصبح لا مفر منه، فحكام باماكو مارسو القتل والإرهاب ليس من أجل استعادة الأرض، بل فقط من أجل وضع مناجم الذهب بين يدي فاغنر الروسية مقابل حماية النظام وقتل السكان.
وأصبح الإقليم الواسع مجالا للحركات الإرهابية وتجارة البشر وعمليات تهريب واسعة، وفوضى لا حدود لها، ما يحتم إعلان استقلاله عن باماكو التي خلقت فيه هذه الفوضى، والعمل على استعادته وتنميته وإعادة المهجرين منه، وهي أمور لا يعتقد أن الجزائر ستعارضها إن لم تدعمها في ظل التطورات الجديدة في المنطقة حسب القيادي الأزوادي.
المصدر : الصحفي الأزوادي عمر الأنصاري رئيس تحرير موقع سكاي نيوز عربية