صوت الحق
أخبار الساحل

الساحل: اجتماع استراتيجي للنصرة قرب بماكو يُعلن مرحلة جديدة من التهديد لتحالف دول الساحل

في يوم عيد الفطر المبارك 30 مارس 2025 ، جنوب مدينة نامبالا في وسط مالي، عُقد اجتماع نادر يجمع كبار قادة جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” (JNIM)، حيث ظهرت أبرز الوجوه العسكرية للجماعة، ممثلةً لمختلف الأعراق والجنسيات، في وضح النهار ومن دون أي تخفٍ، رغم قرب الموقع من العاصمة باماكو. حضور شخصيات مثل إياد أغ غالي، وأحمد كوفا، وطلحة الليبي، وآغ هيتا، وأبو حمزة الشنقيطي، ومحمود باري، يؤكد وحدة الصف وثقة التنظيم بقدرته على التحرك بحرية في عمق الأراضي المالية.

اختيار الموقع رسالة واضحة

لم يكن اختيار مكان الاجتماع صدفةً؛ فمنطقة موبتي، على بعد 300 كلم فقط من باماكو، تُظهر سيطرة الجماعة على مناطق حيوية بعيدة عن الحدود، التي طالما اعتُبرت معاقلَ تقليديةً للجماعات المسلحة. هذا الحضور في العمق الاستراتيجي يُشير إلى تمدد جيوسياسي خطير، وقدرة على اختراق المناطق التي يُفترض أنها تحت سيطرة الدولة.

خطاب التصعيد: من الريف إلى العواصم

تولى محمود باري، الرجل الثاني في “كتيبة ماسينا” التابعة للجماعة، إلقاء الخطاب الرئيسي، مُوجهًا رسائلَ حادةً:

  • اتهم السلطات المالية باستخدام “طائرات تركية مسيرة” لاستهداف المدنيين.
  • هاجم حكومات تحالف دول الساحل (مالي والنيجر وبوركينا فاسو) ووصفها بالفشل في توفير أساسيات الحياة مثل الماء والكهرباء، مُتهمًا إياها بـ”بيع ثروات البلاد لروسيا”.
  • الأكثر خطورةً هو دعوته الصريحة لسكان المدن إلى الانضمام للجماعة، مُعلنًا أن “وقت العمل قد حان” – وهي العبارة التي تعني في الأدبيات الجهادية بدء مرحلة الهجوم المباشر.

هذا الخطاب يُعتبر تحولًا استراتيجيًا؛ فبعد سنوات من تركيز الهجمات على المناطق الريفية والطرق النائية، يبدو أن الجماعة تُخطط لاستهداف مراكز السلطة، حيث ذكر باري بوضوح مدينتي نيامي وواغادوغو.

تأكيد التنسيق الإقليمي

بعد أيام من هذا الاجتماع، أعاد جعفر ديكو، أمير الجماعة في بوركينا فاسو، نفس الخطاب بعد هجوم “دياباغا”، مؤكدًا أن هذا التوجه استراتيجية موحدة لكل فصائل التنظيم في الساحل. هذا التنسيق يُظهر وجود خطة إقليمية لضرب عواصم تحالف الساحل، وليس فقط القرى والثكنات العسكرية النائية.

خلاصة: تحول خطير في موازين القوة

الرسالة واضحة: جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” لم تعد تُقاتل من أجل السيطرة على الأرياف، بل تُعلن استعدادها لخوض معركة المدن الكبرى. اجتماع نامبالا يمثل نقلةً نوعيةً في التهديد الأمني، حيث أصبحت العواصم – التي طالما اعتُبرت محميةً نسبيًا – في مرمى النيران. السؤال الآن: هل تمتلك دول تحالف الساحل (AES) أدوات المواجهة، أم أن المرحلة القادمة ستشهد تصعيدًا دمويًا يغير خريطة المنطقة؟

الوضع يتطلب أكثر من رد عسكري؛ فخطاب الجماعة يستغل غضب السكان من فشل الحكومات في توفير الخدمات الأساسية، مما يجعل المعركة الأمنية مرتبطةً بإصلاحات سياسية واقتصادية عاجلة. إن لم يحدث ذلك، فقد تُصبح العواصم الساحلية ساحةً للصراع الأكثر دمويةً منذ عقد.

صحفي مستقل

أنا صحفي مستقل متخصص في تغطية الأحداث والقضايا الاجتماعية والسياسية في دول الساحل وأزواد. أركز على تسليط الضوء على التحديات الأمنية، حقوق الإنسان، والتنمية الاقتصادية في المنطقة. أسعى لتقديم تقارير موضوعية تعكس صوت المجتمعات المحلية وتساهم في زيادة الوعي الدولي حول القضايا الملحة التي تواجهها هذه المناطق. من خلال استخدام وسائل الإعلام التقليدية والرقمية، أعمل على توثيق التجارب الإنسانية وتعزيز الحوار حول الحلول المستدامة.

مقالات ذات صلة

اترك رد

Slide Up
x