بيان رقم 3 لشباب كل أنصار: وثيقة احتجاج ضد التهميش والإرهاب المقنّن في شمال مالي
في لحظة تتصاعد فيها الانتهاكات بحق السكان المدنيين في شمال مالي، أصدر شباب قبيلة كل أنصار وحلفاؤهم بيانهم الثالث، وهو وثيقة شديدة اللهجة تسلط الضوء على ما وصفوه بـ”الانتهاكات البربرية والاعتقالات العشوائية” التي قامت بها قوات فاغنر الروسية في قرية زرهو.
جرائم ميدانية بثوب “الشراكة الأمنية”
البيان يصف بدقة ما جرى في زرهو: عملية دهم عسكرية نفذها مرتزقة فاغنر، تخللتها اعتقالات جماعية، إصابات مدنية، نهب، وحرق لممتلكات. لكن اللافت في البيان ليس فقط التوثيق، بل هوية المعتقلين:
إمام معروف بالاعتدال هو عمر حما الأنصاري، شخصية دينية بارزة وشقيق زعيم القرية.
شخصان مصابان باضطرابات نفسية، أحدهما جندي سابق تم تسريحه لأسباب صحية.
رجل طاعن في السن عمره 70 عامًا.
تجار، رعاة، حداد… أي أن قائمة المعتقلين تضم شخصيات مدنية بحتة، لا علاقة لها بأي نشاط مسلح.
انتهاك دستوري صارخ
أشار البيان إلى أن ما جرى يمثل خرقًا مباشرًا للدستور المالي، حيث تنص المادة الأولى على “حرمة الشخص البشري”، والمادة السادسة على “تحريم الاعتقال التعسفي”، بينما تحمي المادة العاشرة “الممتلكات والحريات الفردية”.
لكن الواقع كما جاء في البيان، يكشف أن هذه النصوص الدستورية تُنتهك يوميًا، بل ويتم تجاهلها من قبل السلطات نفسها التي أقسمت على حمايتها.
اتهام مباشر للدولة المالية
لم يكتف البيان بالتنديد، بل اتهم الدولة المالية بالتقصير والتواطؤ، حيث أكد أن “السماح لمرتزقة أجانب بانتهاك القوانين الدستورية هو خيانة للمسؤولية الوطنية”. كما أشار إلى أن الدولة فشلت في حماية كافة مواطنيها بغض النظر عن أعراقهم أو انتماءاتهم، وخصّ بالذكر: الطوارق والعرب والفولان والدوجون والسوننكي والبوا والبمبارا.
مطالب واضحة ومباشرة
البيان جاء بلغة غير دبلوماسية، بلغة صريحة، وطرح مطالب محددة:
- الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين دون تهم.
- فتح تحقيق مستقل في الحادثة ومعاقبة المتورطين.
- وقف الإفلات من العقاب الذي تتمتع به القوات الأجنبية.
- ضمان حماية المدنيين وفق الالتزامات الدولية لمالي.
رسائل للداخل والخارج
البيان لم يُوجّه فقط للسلطات المالية، بل أيضًا:
للإعلام المحلي والدولي: “اكسروا الصمت” — دعوة لكشف الحقيقة وعدم التواطؤ بالصمت.
للمنظمات الإفريقية والأممية: تحذير من أن “مالي تتحول إلى حقل تجارب للمليشيات الأجنبية”.
خاتمة البيان: وطنية جريحة ولكنها واعية
بيان كل أنصار رقم 3 ليس مجرد وثيقة احتجاج، بل هو بيان مجتمع بأكمله يشعر بأنه يُستهدف بسبب هويته، ويُقصى عن مفهوم الدولة، ويُحاكم دون محكمة. وهو أيضًا مؤشر خطير على فقدان الثقة في مؤسسات الدولة، وهو ما قد يؤدي لاحقًا إلى خيارات أكثر حدة، إذا استمر الصمت والتجاهل.