صوت الحق
أخبار أزواد

اقتحام مسلح لقرية زارهو يسفر عن اعتقال 16 شخصًا وإحراق ممتلكات

زارهو… قرية طينية صغيرة في شمال مالي، لا تملك شيئًا إلا هدوءها. لا بنوك فيها ولا ثكنات، لا أبراج هاتف ولا مؤسسات دولة، بل هي من تلك الأماكن التي تنسى الحكومات رسم حدودها، وتذكرها فقط عندما تقرر إرسال جنودها ومرتزقتها لتلقين الأهالي درسًا في “الهيبة”.

في فجرٍ ثقيل، دخلت قوات من مرتزقة فاغنر الروسية، تساندها وحدات من الجيش المالي، إلى زارهو كما يدخل اللصوص: دون سابق إنذار، دون تفسير، ودون احترام لأي عرف أو قانون. في دقائق معدودة، تحوّلت القرية من سكينة إلى ساحة مداهمة.

من اعتقلتهم فاغنر؟

ليسوا مسلحين، ولا أمراء حرب، ولا حتى مراهقين مشاغبين. بل شيوخ، مرضى نفسيون، وأئمة، وأبناء قرية لا يملكون من “الخطر الأمني” سوى أسماءهم:

  1. عمر هما – شيخ القرية، إمامها وقاضيها العُرفي. رجل لا يحمل إلا كتاب الله، وضمير الناس.
  2. داهي بن سيدي محمد – شيخ طاعن في السن، بالكاد يقوى على المشي.
  3. محمد هاتي – رجل بسيط من أبناء القرية.
  4. محمد إنتغرييست – راعٍ معروف في المنطقة.
  5. عبد الكريم حسن – شاب هادئ، لا يعرف من الدنيا إلا قطيعه.
  6. محمد عبد الكريم – راعٍ آخر.
  7. حسين طاهر – من عامة الناس، لم تُعرف له أي سابقة.
  8. أبوبكر محمد الصالح – راعٍ كذلك.
  9. بيبي محمد – شاب لا يتقن إلا حياة البادية.
  10. حذيفة عبد الله – رجل بسيط.
  11. أحمد بن حمو – مريض نفسي مختل عقليًا، وكان جنديًا سابقًا تم تسريحه من الجيش.
  12. مجتبى بن محمد – مختل عقليًا، لا يدرك ما يدور حوله.
  13. حمدعلي موسى – شاب قروي بسيط.
  14. عبد الرحمن بن محمد الصالح – راعٍ هادئ ومسالم.
  15. محمد بن محمد يحيى – من سكان القرية.
  16. محمدون بن عبد الرحمن – شاب آخر لا سلاح له سوى كرامته.

أي منطق عسكري هذا؟

هل هذا جيش يحارب الإرهاب، أم عصابة تنتقم من الفقراء؟ هل الإمام المختل والعجوز السبعيني والراعي الأعزل أصبحوا تهديدًا لأمن دولة مالي؟ أم أن السبب الحقيقي هو أنهم ليسوا موالين لباماكو، ولا يعترفون بشرعية احتلال فاغنر؟

زيارة فاغنر لزارهو لم تكن أمنية، بل سياسية، بلغة السلاح والحقد. كانت رسالة تقول: “نحن هنا، لا سلطة فوقنا، ولا قانون يحاسبنا.”

لكنهم أساؤوا التقدير. القرى لا تُكسر بهذه الطريقة. نعم، قد يُعتقل أهلها، يُضرب شيوخها، وتُحرق بيوتها. ولكنها تتذكّر. وأبناء زارهو، وإن سُجنوا اليوم، فلن ينسوا أن أول من دخل قريتهم دون دعوة… كان عدوًا.

صحفي مستقل

أنا صحفي مستقل متخصص في تغطية الأحداث والقضايا الاجتماعية والسياسية في دول الساحل وأزواد. أركز على تسليط الضوء على التحديات الأمنية، حقوق الإنسان، والتنمية الاقتصادية في المنطقة. أسعى لتقديم تقارير موضوعية تعكس صوت المجتمعات المحلية وتساهم في زيادة الوعي الدولي حول القضايا الملحة التي تواجهها هذه المناطق. من خلال استخدام وسائل الإعلام التقليدية والرقمية، أعمل على توثيق التجارب الإنسانية وتعزيز الحوار حول الحلول المستدامة.

مقالات ذات صلة

اترك رد

Slide Up
x