صوت الحق
أخبار أزواد

قصف الجيش المالي لسوق أجدر: مذبحة جديدة تضاف إلى سلسلة انتهاكاته ضد المدنيين

في يوم الأحد الموافق 16 مارس 2025، عند الساعة الرابعة مساءً بتوقيت غرينتش، تحول السوق الأسبوعي في قرية أجدر المالية، القريبة من الحدود الموريتانية، إلى مسرح لمجزرة مروعة، بعد ضربة جوية نفذتها القوات المسلحة المالية (FAMa) بطائرات مسيّرة.

سوق تحولت إلى مقبرة

كان السوق، كما هو الحال كل أسبوع، يعج بالحياة. مزارعون وتجار قدموا من القرى المجاورة، أمهات يبحثن عن حاجيات لأسرهن، أطفال يلهون قرب الأكشاك. فجأة، دوى صوت انفجار ضخم، تلاه صراخ وضجيج، ثم عمّ الصمت إلا من أنين الجرحى.

ثلاث مركبات مدنية تحولت إلى حطام محترق، وتسعة مدنيين فقدوا حياتهم، بينما أصيب العشرات بجروح متفاوتة الخطورة. بعض الجثث تفحمت بالكامل، فيما نُقل الجرحى إلى أقرب نقطة طبية، لكن غياب الرعاية الصحية جعل بعضهم يستسلم للموت قبل أن يصل أي إسعاف.

تبريرات مكررة ومصداقية مفقودة

لم تنتظر القوات المسلحة المالية طويلًا قبل أن تُصدر بيانها المعتاد: “تم استهداف قاعدة إرهابية”. هذا التبرير، الذي بات نمطيًا في كل حادثة مشابهة، لم يُقنع أحدًا. فقد سبق أن شهدت مالي حوادث مماثلة، حيث تم قصف قوافل تجارية في “تاودنيت”، وقيل حينها إنها كانت تحمل أسلحة، بينما كانت في الواقع تنقل الملح، المورد الاقتصادي الرئيسي لسكان المنطقة.

يقول أحد الناجين من القصف:
لم يكن هناك أي مسلحين، فقط تجار وبائعون بسطاء. لم نرَ حتى ظلال الإرهاب التي يتحدثون عنها.

القوة العمياء: من يحمي المدنيين؟

هذه الحادثة لم تكن مجرد “خطأ عسكري”، بل هي نتيجة مباشرة لسياسة أمنية تعتمد على العنف الأعمى ضد المدنيين، تحت غطاء محاربة الإرهاب. بدلًا من توفير الحماية للسكان، تحوّلت القوات المالية إلى مصدر رعب لهم، في وقت تتمدد فيه الجماعات المسلحة أكثر فأكثر، مستفيدةً من حالة الفوضى وانعدام الثقة بالحكومة.

أحد وجهاء المنطقة علق على الوضع قائلًا:
كيف نثق بجيش لا يفرق بين المدني والإرهابي؟ كيف نشعر بالأمان، والسوق الذي نرتاده أسبوعيًا أصبح هدفًا للقصف؟

الحل: العدالة بدل القصف

لا يمكن تحقيق الأمن في مالي بالقنابل والصواريخ وحدها. الحل لا يكمن في القوة العسكرية العشوائية، بل في معالجة جذور المشكلة: الفقر، التهميش، وغياب العدالة.

ما تحتاجه البلاد ليس مزيدًا من الضربات الجوية، بل تحقيقات مستقلة ونزيهة في مثل هذه الحوادث، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات. وحدها العدالة يمكنها أن تمنع تكرار المأساة، أما القمع العشوائي، فلن يؤدي إلا إلى مزيد من المعاناة، وإلى تقويض ما تبقى من ثقة السكان في سلطاتهم

Slide Up
x

صحفي مستقل

أنا صحفي مستقل متخصص في تغطية الأحداث والقضايا الاجتماعية والسياسية في دول الساحل وأزواد. أركز على تسليط الضوء على التحديات الأمنية، حقوق الإنسان، والتنمية الاقتصادية في المنطقة. أسعى لتقديم تقارير موضوعية تعكس صوت المجتمعات المحلية وتساهم في زيادة الوعي الدولي حول القضايا الملحة التي تواجهها هذه المناطق. من خلال استخدام وسائل الإعلام التقليدية والرقمية، أعمل على توثيق التجارب الإنسانية وتعزيز الحوار حول الحلول المستدامة.

مقالات ذات صلة

اترك رد

error: Content is protected !!