إصلاحات المجلس الوطني: شعبوية بلا جدوى وقرارات على الورق
يشهد الوضع السياسي والاجتماعي في النيجر مرحلة حرجة، حيث تسعى السلطات الجديدة، ممثلة بالمجلس الوطني لإنقاذ الشعب (CNSP)، إلى تقديم إجراءات يُروّج لها على أنها تصب في صالح المواطنين. ومع ذلك، تثير هذه الإجراءات جدلاً واسعًا بسبب تأثيراتها السلبية وعدم فعاليتها. نستعرض هنا أبرز هذه الإجراءات وانعكاساتها السلبية:
1. انخفاض تكاليف العلاج: وعود لم تتحقق
بالرغم من إعلان السلطات تخفيض تكاليف الرعاية الصحية، إلا أن الواقع يشير إلى انهيار واضح في الخدمات الصحية. فقد تعرضت مراكز الصحة التكاملية (CSI) لنقص حاد في المعدات والتمويل، مما جعلها غير قادرة على العمل بكفاءة. بل إن بعض المراكز تفتقر إلى الكهرباء. وعلى الرغم من هذا الوضع، قامت وزارة الصحة بتكليف شركة واحدة لإعادة تأهيل أكثر من 200 مركز في مارادي وزيندر، بدلًا من تقسيم المشروع إلى عدة شركات لتحسين الجودة وسرعة التنفيذ.
2. انخفاض أسعار الوقود: استفادة محدودة
تم تخفيض أسعار الوقود، إلا أن هذه الخطوة لم تؤثر إيجابيًا على غالبية السكان الذين لا يمتلكون وسائل نقل خاصة، حيث إن أكثر من 90% من المواطنين غير مستفيدين. كما لم يرافق هذا التخفيض أي انخفاض في تكاليف النقل العام أو أسعار الكهرباء، مما جعل الإجراء شكليًا لا أكثر.
3. تخفيض رسوم التخليص الجمركي: استغلال حكومي
استولت السلطات على آلاف الدراجات النارية ثم عرضتها على أصحابها بمقابل رسوم منخفضة. هذا الإجراء يبدو كأنه محاولة لملء خزائن الدولة الفارغة بدلًا من التخفيف عن المواطنين. كما أن ممارسات الجمارك والشرطة، التي شملت مضايقة آلاف الأشخاص ومصادرة ممتلكاتهم، أثرت سلبًا على ثقة المواطنين بالحكومة.
4. انخفاض أسعار الأسمنت: وعود شعبوية
رغم الإعلان عن تخفيض أسعار الأسمنت، إلا أن السوق لا يعكس ذلك، حيث يواجه الموزعون تحديات في توفير المنتج بالأسعار التي حددتها الدولة. كما أن أسعار النقل، التي حددتها الدولة بشكل غير واقعي، تعيق إمكانية تطبيق هذا التخفيض. على سبيل المثال: تكلفة نقل الأسمنت من المصانع إلى زيندر (500 كم) تم تحديدها بـ 10,000 فرنك للطن، بينما تبلغ التكلفة لنقلها إلى ديفا (900 كم) 12,000 فرنك، مما يجعل تطبيق هذه الأسعار مستحيلًا.
5. شراء الطائرات المسيرة: صفقة مشبوهة
قامت الحكومة بشراء خمس طائرات مسيرة منخفضة الجودة بمبلغ 80 مليون دولار، رغم أن دولًا أخرى حصلت على نفس الطائرات مع البنية التحتية بنصف السعر (40 مليون دولار). وتجدر الإشارة إلى أن هذه الطائرات تم اختبارها في السعودية وتم إسقاطها جميعًا من قبل الحوثيين، مما يثير تساؤلات حول جدوى هذه الصفقة وسلامة القرار.
6. إدارة الفيضانات: إهمال الكارثة
عانى المتضررون من الفيضانات هذا العام من الإهمال، رغم وجود صندوق للتضامن. وبدلًا من تقديم المساعدة، اختارت السلطات شراء 160 سيارة كانت محتجزة في مستودعات سونيلوغا، ما يُظهر تفضيل المصالح الثانوية على تلبية احتياجات المواطنين المتضررين.
7. شراء الحبوب من المزارعين: سياسة مجحفة
فرضت الحكومة على المزارعين بيع محاصيلهم بأسعار منخفضة، رغم أنها لم تقدم لهم الدعم اللازم مثل البذور والأسمدة. هذا الإجراء أضر بالمزارعين الذين يحققون أرباحًا أعلى من التصدير أو البيع في الأسواق المحلية.
8. مشروع الري الكبير: تعطيل الإنتاج الزراعي
منعت أعمال مشروع الري الكبير المزارعين في مناطق ديفا وتيلابيري من زراعة أراضيهم هذا العام. ومع أن المشروع يتم تمويله من أموال الضرائب والمساهمات، إلا أن تنفيذه شابه سوء الإدارة، حيث تم منح العقود لشركات دون توفير بدائل للمزارعين، مما أدى إلى خسائر فادحة.
تُظهر هذه الإجراءات أن المجلس الوطني لإنقاذ الشعب يركز على تحقيق مكاسب سياسية قصيرة الأمد بدلًا من تقديم حلول مستدامة لمعاناة المواطنين. يتطلب الوضع الحالي شفافية في صنع القرار وتخطيطًا استراتيجيًا يعالج المشاكل الأساسية بدلًا من تبني إجراءات شعبوية تفتقر إلى الواقعية.