منظمة العفو الدولية تطالب بتحقيق عاجل في مقتل مدنيين جراء غارات جوية بطائرات مسيرة في مالي
في 5 سبتمبر 2024، أصدرت منظمة العفو الدولية بيانًا تطالب فيه السلطات المالية بإجراء تحقيق شامل ومستقل حول غارات جوية بطائرات مسيرة تسببت في مقتل ثمانية مدنيين، بينهم ستة أطفال، وجرح حوالي خمسة عشر آخرين، أثناء استهداف سوق مكتظ في قرية إنجتفن في منطقة تومبكتو شمال مالي. تعتبر المنظمة أن هذا الهجوم يمكن أن يشكل جريمة حرب، حيث تم فيه استهداف مدنيين وممتلكات مدنية، مما يتطلب محاسبة المسؤولين عن هذا الحادث.
تفاصيل الهجوم وأحداثه
وفقًا لشهادات شهود عيان جمعتها منظمة العفو الدولية، وقع الهجوم في 21 أكتوبر، حينما استهدفت الطائرات المسيرة خمس دراجات نارية كانت متوقفة تحت مظلة معدنية في السوق، مما أدى إلى مقتل وجرح عدد كبير من المتواجدين. وأعقب ذلك ضربات أخرى استهدفت مركبات مدنية أخرى في السوق.
وأفاد أحد الشهود، والذي يُدعى أتاي، أنه كان في فناء منزله عندما سمع صوت الانفجارات الأولى. لاحقًا، تم توجيه ضربتين إضافيتين بعد حوالي ربع ساعة من الضربة الأولى، ما أدى إلى إصابة الكثيرين بجروح خطيرة، بينهم رضيع يبلغ من العمر أربعة أشهر وطفلة تبلغ ست سنوات.
أشار شاهد آخر، يُدعى عباس، والذي فقد أربعة أفراد من عائلته في هذا الهجوم، إلى أن الطائرة المسيرة كانت تحلق فوق السوق منذ الصباح، وعادت لتشن الهجوم قرابة الساعة الحادية عشرة. وأضاف أن الضحايا شملوا أيضًا طفلين آخرين وطفل رضيع. كما أُصيب العديد بجروح خطيرة، وتم نقلهم إلى مستشفى تومبكتو.
مطالب منظمة العفو الدولية
طالبت منظمة العفو الدولية بضرورة التحقيق العاجل في ظروف اتخاذ القرار وتنفيذ هذه الضربات بالطائرات المسيرة، والتحقق من امتثالها لمبادئ القانون الدولي الإنساني، خاصةً فيما يتعلق بمبدأ التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنيين. وأكدت سميرة داوود، المديرة الإقليمية للمنظمة في غرب ووسط أفريقيا، على أن هذه الهجمات يجب أن تراعي “مبدأ التمييز” و”مبدأ الاحتياط” لحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية.
السياق العام والوقائع السابقة
تأتي هذه الضربات بعد سلسلة من الهجمات بالطائرات المسيرة في شمال مالي، أسفرت عن مقتل مدنيين، بما في ذلك غارة على منطقة “أماسركاد” في غاو في مارس 2024، والتي أودت بحياة 13 مدنيًا، بينهم سبعة أطفال، وغارة أخرى في قرية “دونا” أدت إلى مقتل 14 مدنيًا، منهم 11 طفلًا.
إن استهداف المدنيين والأماكن العامة في مثل هذه الهجمات الجوية يثير قلقًا واسعًا حول السياسات المتبعة في استخدام الطائرات المسيرة، وما إذا كانت تُراعي القوانين الإنسانية الدولية التي تحظر استهداف المدنيين أو الممتلكات المدنية.
ردود فعل السكان المحليين
أعرب سكان منطقة إنجتفن عن قلقهم الكبير من غياب المساعدة الفورية بعد الهجوم، وأشاروا إلى أن العديد من الجرحى فضلوا اللجوء إلى الأدغال بدلاً من التوجه إلى المراكز الصحية الرسمية، وذلك بسبب انعدام الثقة في السلطات المحلية.
استنتاجات
يؤكد هذا الحادث على الحاجة الملحة إلى تحقيق مستقل وشامل لضمان العدالة للضحايا ومنع تكرار مثل هذه الانتهاكات. كما أنه يسلط الضوء على ضرورة احترام المبادئ الإنسانية في سياق النزاعات المسلحة، وضمان استخدام الطائرات المسيرة بشكل يلتزم بمعايير التمييز والاحتياط لتجنب استهداف المدنيين.
ختامًا، تعتبر منظمة العفو الدولية أن الهجمات التي تستهدف مدنيين وتُلحق أضرارًا جسيمة بهم تتطلب محاسبة فورية وشفافية أكبر من قبل السلطات في مالي، في سبيل حماية حقوق الإنسان وضمان عدم تكرار مثل هذه المآسي.