صوت الحق
أخبار أزواد

أزواد يشهد كارثة إنسانية في ظل حرب مدمرة وأوبئة متفشية

منذ عام 2023، يعيش إقليم أزواد أزمة إنسانية خانقة نتيجة الحرب المستعرة والأوبئة المنتشرة بشكل خارج عن السيطرة. تفاقمت هذه المأساة وسط غياب الاهتمام الدولي، مما عمّق معاناة السكان المحليين الذين يعانون في صمت.

"زواد يشهد كارثة إنسانية في ظل حرب مدمرة وأوبئة متفشية

خلفية الصراع

يمثل إقليم أزواد منطقة تتسم بتوترات طويلة الأمد بين السلطات المركزية المالية والسكان الطوارق والمجتمعات العربية. غير أن هذه التوترات تصاعدت بشكل غير مسبوق في 2023 إلى مستوى من العنف المنظم، بقيادة الجيش المالي بدعم من مرتزقة مجموعة “فاغنر”.

انسحاب البعثة الدولية وتفريغ الساحة

بعد أن طردت السلطات المالية بعثة الأمم المتحدة متعددة الأبعاد (مينوسما) وألغت اتفاق الجزائر، أصبح الإقليم بلا حماية دولية. هذا الفراغ مكّن السلطات الحاكمة في باماكو من ارتكاب انتهاكات جسيمة بعيدًا عن أعين العالم. ووفقًا لأيوب أغ شمد، المتحدث باسم منظمة “إموهاغ الدولية”، فإن “قرى بأكملها دُمّرت على رؤوس سكانها، فيما تُرتكب جرائم ترقى إلى التطهير العرقي، وسط صمت مخيف من المجتمعين الدولي والإقليمي”.

الجرائم المروعة ضد السكان

تدمير ممنهج للمجتمعات

موسى أغ إنزوما، أحد مقاتلي جيش أزواد، كشف عن استخدام أساليب وحشية في المعارك، منها تسميم الآبار وإلقاء مواد كيميائية سامة على القرى. ويقول: “يستهدفون حتى الماشية لإفقار السكان ودفعهم إلى النزوح”.

أضاف موسى: “إن العنف الذي نعيشه منذ 2023 غير مسبوق. الضباط الذين هُزموا في 2012 على أيدي المقاومة الأزوادية عادوا للسلطة الآن بروح انتقامية، مستهدفين السكان المدنيين”.

دور فاغنر في الانتهاكات

تلعب قوات فاغنر دورًا محوريًا في هذه الجرائم، حيث يوضح موسى أن “معظم الضحايا هم من المدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال وكبار السن”. وروى عن أحداث مروعة في قرى مثل همبوري وغوسي، حيث قُتل المدنيون بوحشية، واستخدمت أساليب تعذيب وحشية لاستخراج المعلومات.

أزمة صحية متفاقمة

انتشار الأمراض بسبب الحرب

إلى جانب العنف العسكري، يعاني سكان أزواد من انتشار أوبئة خطيرة. وفقًا للدكتور حسن ألّا، الطبيب العام في منطقة ميناكا: “نعاني من انتشار الملاريا، الأنيميا الحادة، وسوء التغذية، إضافة إلى أمراض أخرى مثل الدفتيريا والحصبة، نتيجة غياب الخدمات الصحية الأساسية”.

وأشار الدكتور ألّا إلى أن انعدام الأمن وغياب الأدوية يعمّقان الأزمة، حيث تنتشر الأمراض بسرعة بين النازحين في المخيمات التي تفتقر إلى العناية الطبية.

تدمير المرافق الصحية

في مدينة تنزواتين، أوضح الدكتور علياد أغ تومست أن المرافق الصحية البسيطة التي كانت تخدم المرضى دُمرت بفعل القصف. وأضاف: “لم تعد المنظمات الإنسانية قادرة على الوصول إلى المناطق المتضررة بسبب القصف وإغلاق الممرات الإنسانية”.

كما أشار إلى حالات تسمم كيميائي تعرض لها أطفال بعد اقترابهم من أماكن القصف: “أربعة أطفال ماتوا بعد إصابتهم بنزيف ناتج عن تعرضهم لمواد كيميائية”.

نداء عاجل للمجتمع الدولي

تطالب منظمة “إموهاغ الدولية” الأمم المتحدة بعدم تقديم مساعدات مالية للحكومة المالية، خوفًا من استخدامها في تمويل النزاع بدلاً من تعزيز السلام. وقال موسى أغ إنزوما: “نحن متفائلون بإمكانية تحقيق السلام، لكن هذا لن يحدث إلا بوجود قيادة صادقة ومستعدة للحوار”.

كما وجه نداءً إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (الإيكواس) والدول المجاورة لدعم الشعب الأزوادي المنكوب والعمل على تحقيق العدالة.

إن الوضع في إقليم أزواد لا يتطلب فقط تدخلاً عسكريًا لوقف النزاع، بل يستدعي أيضًا استجابة إنسانية عاجلة لاحتواء الكارثة الصحية. ويرى الدكتور علياد أغ تومست أن المجتمع الدولي يجب أن يتحرك سريعًا لتوفير الأدوية والمساعدات اللازمة: “لا يمكننا الانتظار أكثر، يموت الناس يوميًا في ظل تجاهل تام من العالم”.

تستمر معاناة أزواد وسط غياب أي تحرك دولي فعال، مما يجعل إنهاء الحرب وتحقيق السلام أمرًا ملحًا أكثر من أي وقت مضى.

المصدر : mondafrique.com

Slide Up
x

صحفي مستقل

أنا صحفي مستقل متخصص في تغطية الأحداث والقضايا الاجتماعية والسياسية في دول الساحل وأزواد. أركز على تسليط الضوء على التحديات الأمنية، حقوق الإنسان، والتنمية الاقتصادية في المنطقة. أسعى لتقديم تقارير موضوعية تعكس صوت المجتمعات المحلية وتساهم في زيادة الوعي الدولي حول القضايا الملحة التي تواجهها هذه المناطق. من خلال استخدام وسائل الإعلام التقليدية والرقمية، أعمل على توثيق التجارب الإنسانية وتعزيز الحوار حول الحلول المستدامة.

مقالات ذات صلة

اترك رد

error: Content is protected !!