صوت الحق
أخبار عامة

من أرشيف أزواد: مجزرة “وادي الشرف” 1994 – إبادة جماعية وتطهير عرقي نفذها الجيش المالي ضد العرب والطوارق

في 23 أكتوبر 1994م، استيقظت قرية “كل أسوك وادي الشرف” على هجوم غير متوقع شنه الجيش المالي. المشهد كان مليئًا بالرعب والفوضى، إذ انتشرت قوات عسكرية مدججة بالسلاح في شوارع القرية الهادئة، وبدأت حملة عنيفة ضد السكان المدنيين. هذه الأحداث تمثل واحدة من أبشع جرائم الكراهية والتمييز العرقي التي شهدها تاريخ المنطقة.

من أرشيف أزواد: مجزرة "وادي الشرف" 1994 – إبادة جماعية وتطهير عرقي نفذها الجيش المالي ضد العرب والطوارق

بداية الهجوم: القرى المسالمة تحت الحصار

في تمام الساعة التاسعة صباحًا، بدأت كتائب الجيش المالي بإطلاق النيران بكثافة على سكان القرية. كانت الأصوات مرعبة، حيث صدمت الأهالي الذين وجدوا أنفسهم محاصرين بالموت من جميع الجهات.

الاجتياح الوحشي: تطويق المنازل وبداية المجزرة

بعد تطويق القرية، شرع الجنود في اقتحام المنازل، وبدأت عملية فرز مرعبة تستهدف الفصل بين السكان على أساس اللون. أصحاب البشرة السوداء كانوا يُجمعون في مكان آمن بينما يتعرض غيرهم للتعذيب والإعدام.

استهداف العلماء والمشايخ: الهجوم على منزل الشيخ “أنارا”

من بين أكثر الجرائم وحشية كان ما حدث في منزل الشيخ “أنارا”، حيث تم إعدام الشيخ وأبنائه الستة وأقاربه أمام جمع من أهالي القرية، في عملية تمثلت فيها أفظع صور الإذلال والإهانة.

الاعتداء على المساجد والمصلين

في جريمة أخرى، اقتحم الجنود مسجدًا وقتلوا المشايخ القائمين على تحفيظ القرآن أمام تلاميذهم، في انتهاك صارخ لحرمة دور العبادة.

أعمال الإبادة الممنهجة

استمر الجنود في ترويع السكان، وقتلوا كل من لم يكن صاحب بشرة سوداء. كما استهدفوا أفرادًا مسنين ومعاقين، في تصرفات لا تنم إلا عن حقد وكراهية متجذرة.

النهب وتدمير الممتلكات: القضاء على التراث العلمي

لم يكتف الجيش بالقتل والترويع، بل عمد أيضًا إلى إحراق مكتبات ومؤسسات علمية في القرية، مما أدى إلى ضياع مخطوطات تاريخية نادرة.

الهروب الجماعي: رحلة التهجير القسري

بعد انتهاء الهجوم، تم إخلاء القرية من الناجين الذين ساروا شرقًا عبر الصحراء، في مشهد مرعب من التهجير القسري الذي استمر لسنوات.

الشهداء: ضحايا بلا ذنب

بلغ عدد القتلى 86 شخصًا، معظمهم من العلماء وحفظة القرآن الكريم. كلهم مدنيون عزل لم تُوجه إليهم أي تهمة ولم يتم استجوابهم قبل قتلهم بدم بارد.

ما حدث في “وادي الشرف” عام 1994م ليس مجرد حادثة عابرة، بل جريمة كراهية عنصرية تُجسد أسوأ انتهاكات حقوق الإنسان. إنها صفحة سوداء في تاريخ مالي، ويجب أن تظل شاهدًا على وحشية التمييز العرقي والتطهير الذي مارسته قوات من المفترض أن تحمي الوطن والمواطن.

Slide Up
x

صحفي مستقل

أنا صحفي مستقل متخصص في تغطية الأحداث والقضايا الاجتماعية والسياسية في دول الساحل وأزواد. أركز على تسليط الضوء على التحديات الأمنية، حقوق الإنسان، والتنمية الاقتصادية في المنطقة. أسعى لتقديم تقارير موضوعية تعكس صوت المجتمعات المحلية وتساهم في زيادة الوعي الدولي حول القضايا الملحة التي تواجهها هذه المناطق. من خلال استخدام وسائل الإعلام التقليدية والرقمية، أعمل على توثيق التجارب الإنسانية وتعزيز الحوار حول الحلول المستدامة.

مقالات ذات صلة

اترك رد

error: Content is protected !!