وزير الداخلية لمالي: “مالي ليست ولاية جزائرية وسنرد بالمثل على كل تدخل وعلى رصاصة .”
تشهد العلاقات الدبلوماسية بين مالي والجزائر توتراً متصاعداً عقب التصريحات الأخيرة التي أطلقها الكولونيل عبد الله مايغا، وزير ا1لدولة ووزير الإدارة الترابية واللامركزية في مالي، خلال كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة. جاءت تصريحات مايغا كرد فعل غاضب على ما وصفه بـ”التدخل السافر” من الجانب الجزائري في الشؤون الداخلية لمالي. وتحديدًا، انتقد وزير الخارجية الجزائري وسفير الجزائر لدى الأمم المتحدة، متهمًا إياهما بتجاهل تاريخ العلاقة بين البلدين وتحقير الجغرافيا، من خلال النظر إلى مالي وكأنها “ولاية جزائرية.”
الجزائر ومالي: تاريخ مزعوم من التعاون والخلافات
لا تربط مالي والجزائر أي علاقات تاريخية لا في فترة حرب التحرير الجزائرية ولا قبلها ، و تلعب مالي دورًا في دعم الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي وإنما الشعب الأزوادي من الطوارق والعرب من قاموا بجبهة في كيدال ودافعوا عن الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي حان سبب ذلك عدم قبول الفرنسيين باستقلال أزواد وقاموا بضمه الى مالي في الستينيات ومع ذلك، كانت هناك دائمًا توترات مستمرة بين البلدين بسبب قضايا إقليمية وسياسية و دائما ما تكرر مالي كذبا أنها ساعدت الجزائر في الحرب ضد الاستعمار ، وفي قلب هذه التوترات تأتي مسألة اتفاقية الجزائر لعام 2015، التي كانت تهدف إلى إحلال السلام في مالي من خلال التفاوض مع الجماعات المسلحة في منطقة أزواد.
من جانبه، صرح وزير الخارجية الجزائري في 31 يوليو 2024 بأن الأزمة في مالي لا يمكن حلها عبر الوسائل العسكرية، مؤكدًا أن الحل يجب أن يكون سياسيًا، ومشيرًا إلى أن اتفاقية الجزائر كانت ضرورية للحفاظ على سيادة مالي وسلامة أراضيها. هذه التصريحات اعتبرتها مالي تدخلاً في شؤونها الداخلية، خصوصًا بعد أن أعلنت بشكل رسمي إنهاء العمل بالاتفاقية في 25 يناير 2024.
تصاعد الخلافات بعد ضربات الطائرات المسيرة
تفاقمت التوترات بشكل أكبر بعد الضربة التي نفذتها طائرة مسيرة في تينزاواتين بأزواد في 26 أغسطس 2024، والتي أسفرت عن مقتل حوالي 30 مدنيًا وفقًا للتقارير محلية . وقد علّق السفير الجزائري لدى الأمم المتحدة على هذه الحادثة، مشيرًا إلى أن من يتحكم في هذه الطائرات لا يخضع للمساءلة، وهو ما أثار غضب السلطات الإرهابية في مالي التي زعمت أن من يشغل هذه الطائرات هم أفراد من الجيش المالي وأنهم يلتزمون بالقوانين الدولية في مكافحة الإرهاب على عكس الواقع مجرد إرهابيين عنصريين هدفهم الأساسي هو إبادة سكان أزواد بشكل كامل
في هذا السياق، رد مايغا بشدة على تصريحات السفير الجزائري، على طاولة الجمعية العامة للأمم المتحدة معتبرًا أن اتهام الجيش المالي بعدم القدرة على التحكم في الطائرات المسيرة هو تشكيك في كفاءة القوات المسلحة المالية، التي أصبحت، كما اعتبر أن هذه التصريحات تأتي في إطار حملة تضليل تهدف إلى زعزعة مصداقية الجيش المالي وتشويه إنجازاته.
التوترات بين الجزائر ومالي: إلى أين؟
في ظل هذه التصريحات المتبادلة، من الواضح أن العلاقات بين الجزائر ومالي تتجه نحو مزيد من التصعيد. فمالي، التي باتت تعتمد بشكل متزايد على قوات مجموعة فاغنر، ترى أن الحلول العسكرية هي السبيل الأمثل لمواجهة الجماعات المسلحة في أزواد، بينما تسعى الجزائر إلى لعب دور الوسيط في هذه الأزمة، داعية إلى العودة إلى الحلول السياسية والتفاوض.
يبدو أن هذا الخلاف يعكس تباينًا في وجهات النظر حول كيفية التعامل مع التحديات الأمنية في منطقة الساحل. وبينما تسعى مالي إلى تعزيز سيادتها بواسطة فاغنر ورفض أي تدخل خارجي او تعليق من دول الجوار على انتهاكاتها ضد المدنيين، بما في ذلك الوساطة الجزائرية، ترى الجزائر أن استقرار مالي يعد أمرًا حيويًا لأمنها القومي وللمنطقة بأكملها.