صوت الحق
أخبار أزواد

أزمة صحية خانقة في أزواد: الملاريا والدفتيريا تهدد حياة الآلاف في ظل غياب الرعاية الطبية



الخميس 26 سبتمبر 2024 – صوت الحق : تواجه المجتمعات الرحّل في منطقة كيدال بأزواد أزمة صحية حادة مع تفشي وباء الملاريا بصورة غير مسبوقة. فقد أودى هذا المرض بحياة أكثر من 100 شخص بين 21 و25 سبتمبر فقط في مناطق تين زواتين، تلهنداك، وأشبرش، وامتد أثره إلى الجانب الجزائري في المناطق الحدودية مثل تينزاواتين وتيمياوين، حيث يتلقى بعض المرضى العلاج في ظل ظروف صحية حرجة.

تفاقم الوضع بسبب غياب الأدوية والرعاية الصحية

ساهم النقص الحاد في الأدوية بالمراكز الصحية المحلية في تدهور الوضع، وسط تأكيدات من مصادر محلية بأن السلطات العسكرية في كيدال بالتعاون مع مرتزقة فاغنر قد منعت إيصال الأدوية إلى القرى والمناطق الرحل. وتبرر هذه السلطات قرارها بخطر استخدام هذه الأدوية من قبل الجماعات المسلحة المنتشرة في المنطقة، مما ترك المجتمعات المحلية تواجه خطر الملاريا والدفتيريا دون أي دعم طبي.

ومع غياب الرعاية الصحية في مناطقهم، اضطر السكان إلى التوجه نحو المدن الحدودية الجزائرية مثل تينزاواتين، التي تواجه هي الأخرى ضغوطًا كبيرة على مرافقها الصحية المحدودة. ورغم الجهود الجزائرية، يفتقر النظام الصحي هناك إلى الخبرة والأدوية الكافية لمكافحة الملاريا بشكل فعال، مما يعرض المرضى لمخاطر إضافية.

مأساة صحية وغياب تام للدعم

أثار قرار منع وصول الأدوية جدلاً واسعًا في المنطقة، حيث ترك السكان المحليين في مواجهة تفشي الأمراض دون أي وسائل حماية. وقد وصفت منظمات إنسانية مثل “جمعية كل أكال”، التي أصدرت تقريرًا عن الوضع الصحي، القرار بأنه غير إنساني، محذرة من كارثة صحية كبرى إذا لم يتم التدخل بشكل عاجل.

تسود مخاوف حقيقية من انتشار الوباء بسرعة في ظل غياب الرعاية الصحية الأساسية. وحذرت “جمعية كل أكال” من أن استمرار الحصار على إيصال الأدوية، إلى جانب غياب أي تعاون عبر الحدود، قد يؤدي إلى ارتفاع عدد الضحايا بشكل كارثي في الأيام المقبلة، سواء في أزواد أو في الجزائر.

انتشار الملاريا والدفتيريا في مناطق أخرى من أزواد

إلى جانب كيدال، يستمر انتشار الملاريا في مناطق أخرى من أزواد مثل أربندا، تلمسي، وتماسنا. تشهد هذه المناطق وفيات يومية بين جميع الفئات العمرية، إلا أن النساء الحوامل والأطفال هم الأكثر عرضة للإصابة. في ظل انعدام الرعاية الصحية أو الأدوية، يعيش السكان في وضع صحي كارثي، دون أي أمل في الحصول على العلاج.

ولا تقتصر المأساة على الملاريا وحدها، إذ يعاني السكان أيضًا من انتشار مرض الدفتيريا، وهو مرض بكتيري خطير يُنتج سمًا يؤثر على الجهاز التنفسي والقلب والجهاز العصبي. تبقى نسبة الوفيات مرتفعة بسبب غياب العلاج المناسب.

سياسات قاسية تزيد من تدهور الوضع

أفادت مصادر محلية بأن الجنرال الهجي، حاكم كيدال، بالتعاون مع مرتزقة فاغنر، يمنع بشكل صارم خروج الأدوية من المدينة إلى المناطق المتضررة. هذا القرار يزيد من تعقيد الوضع الصحي ويعرض حياة الآلاف للخطر، خاصة في المناطق الريفية التي تفتقر إلى أي دعم طبي لمواجهة الأوبئة المنتشرة.

تقرير “جمعية كل أكال”: نداء إنساني عاجل

في سياق الجهود الإنسانية، تلقت “جمعية كل أكال” تنبيهات من السكان المحليين حول تفشي الملاريا وحالات الدفتيريا في مناطق واسعة من أزواد. وبناءً على هذه المعلومات، أرسلت الجمعية بعثة ميدانية للتحقق من الوضع وتقديم تقرير عن الأزمة الصحية. وقد أظهرت نتائج هذه البعثة أن الأطفال، النساء الحوامل، وكبار السن هم الفئات الأكثر تضررًا، نتيجة لضعف حالتهم الصحية وعجزهم عن الحصول على الرعاية المناسبة.

وركز التقرير على عدة عوامل ساهمت في تفاقم الأزمة، بما في ذلك:
– إغلاق أو تعطيل مراكز الصحة بسبب النزاع المسلح.
– تدمير البنية التحتية الصحية على يد مرتزقة فاغنر وعناصر الجيش.
– مغادرة المنظمات غير الحكومية بسبب التهديدات الأمنية.
– تجاهل السلطات المركزية لمعاناة السكان.

توصيات عاجلة لتفادي كارثة صحية

أوصت “جمعية كل أكال” باتخاذ تدابير عاجلة لتفادي المزيد من الوفيات، مطالبة بتزويد مراكز الصحة بالأدوية والمعدات اللازمة، ودعم العاملين في المجال الصحي، وتقديم الدعم اللوجستي والمادي للمناطق المتضررة. كما حثت الجمعية السلطات الجزائرية على تكثيف جهودها لمكافحة الأوبئة المتفشية، وشكرت الجهات التي قدمت الدعم.

وفي نداء أخير، دعت “جمعية كل أكال” المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية للتحرك السريع، وإنقاذ الآلاف من الأرواح المهددة.

Slide Up
x

صحفي مستقل

أنا صحفي مستقل متخصص في تغطية الأحداث والقضايا الاجتماعية والسياسية في دول الساحل وأزواد. أركز على تسليط الضوء على التحديات الأمنية، حقوق الإنسان، والتنمية الاقتصادية في المنطقة. أسعى لتقديم تقارير موضوعية تعكس صوت المجتمعات المحلية وتساهم في زيادة الوعي الدولي حول القضايا الملحة التي تواجهها هذه المناطق. من خلال استخدام وسائل الإعلام التقليدية والرقمية، أعمل على توثيق التجارب الإنسانية وتعزيز الحوار حول الحلول المستدامة.

مقالات ذات صلة

اترك رد

error: Content is protected !!