مالي: تدمير 10 طائرات ومقتل أكثر من 200 في هجوم لجماعة النصرة على باماكو
في تصعيد لافت للوضع الأمني في مالي، نفذت جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” هجوماً واسع النطاق على منشآت عسكرية وحيوية في العاصمة باماكو، فجر الثلاثاء 17 سبتمبر 2024. الهجوم الذي استمر لأكثر من تسع ساعات أسفر عن تدمير طائرات عسكرية وأخرى تستخدم في عمليات حفظ السلام، إضافة إلى تدمير العديد من الآليات العسكرية، وسقوط أكثر من 200 قتيل وجريح، بينهم جنود ماليون وأفراد من قوات الدرك. العملية تمثل ضربة كبيرة للحكومة المالية ولحلفائها في المنطقة.
تفاصيل الهجوم
بحسب مصادر أمنية مطلعة، استهدف الهجوم مواقع حساسة، أبرزها القاعدة الجوية العسكرية في مطار “موديبو كيتا” الدولي في منطقة سينو، ومدرسة الدرك في فلاجي. أسفرت العملية عن تدمير 10 طائرات عسكرية، من بينها طائرات مسيرة وطائرات أممية تستخدم في عمليات حفظ السلام. كما تم تدمير أكثر من 20 آلية عسكرية.
وأشارت المصادر إلى أن جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” استخدمت 13 من مقاتليها الانغماسيين، الذين شنوا الهجوم من عدة محاور، مستغلين الثغرات الأمنية في العاصمة. وتمكنت الجماعة من تحرير عدد من أسراها المحتجزين في مدرسة الدرك بفلاجي، دون مقاومة تذكر من قوات الدرك.
تحرير الأسرى
الهجوم على مدرسة الدرك في فلاجي لم يكن فقط لتدمير المنشآت العسكرية، بل هدفه الأساسي كان تحرير أسرى الجماعة المحتجزين هناك. المهاجمون نجحوا في تحقيق هذا الهدف دون مقاومة كبيرة، ما يعكس حالة الضعف التي تعاني منها القوات الأمنية في العاصمة، ويعزز من جرأة الجماعات المسلحة في تنفيذ عملياتها.
التداعيات الإقليمية
من المتوقع أن يكون لهذا الهجوم تداعيات كبيرة على الوضع الأمني في المنطقة. يأتي هذا الهجوم في وقت كانت فيه وفود من النيجر وبوركينا فاسو تستعد للاجتماع في باماكو للتحضير لاجتماع موسع حول تعزيز التعاون الأمني بين دول الساحل. إلا أن الهجوم تسبب في شلل تام في العاصمة، ما أدى إلى تعطيل التحضيرات للاجتماع وإثارة قلق حول قدرة التحالف العسكري الناشئ على مواجهة التهديدات المتزايدة في المنطقة.
الحكومة المالية في موقف حرج
هذا الهجوم يأتي في وقت حساس بالنسبة للحكومة المالية التي تواجه ضغوطاً متزايدة منذ انقلاب 2020. رغم وعود الحكومة الانقلابية بإعادة الاستقرار إلى البلاد، تستمر الهجمات المسلحة في الشمال وحتى في قلب العاصمة، مما يضع الحكومة في موقف حرج أمام شعبها وأمام المجتمع الدولي.
فشل القوات المالية، بما في ذلك عناصر مرتزقة “فاغنر” الروسية المتحالفة مع الحكومة، في حماية المنشآت الحيوية والوفود الدولية يزيد من التساؤلات حول قدرة مالي على مواجهة التهديدات الأمنية المتزايدة. هذه العملية تمثل صفعة قوية للحكومة، وتزيد من تعقيد المشهد السياسي والأمني في البلاد.
الرسالة وراء الهجوم
في بيان صدر عن جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين”، أكدت أن الهجوم جاء رداً على “الجرائم والمجازر” التي ارتكبتها الحكومة المالية وحلفاؤها، وخصوصاً القوات الروسية بحق الشعب المالي. وأكدت الجماعة أن هذا الهجوم هو بداية لتصعيد جديد، وأن العاصمة باماكو والمدن الأخرى ليست بمأمن عن المزيد من الهجمات ما دامت الحكومة مستمرة في حربها على الجماعات المسلحة.
انعكاسات مستقبلية
الهجوم الأخير يفتح الباب أمام تصعيد جديد في الصراع الداخلي في مالي. الجماعات المسلحة تبدو الآن أكثر قوة وجرأة، بينما تواجه الحكومة تحديات متزايدة في استعادة السيطرة على الوضع الأمني. هذا التصعيد قد يجر البلاد إلى مزيد من الفوضى، خصوصاً مع تزايد التوترات بين الحكومة وحلفائها، بما في ذلك روسيا، وبين الجماعات المسلحة التي تسعى إلى فرض سيطرتها على مناطق أوسع.
الوضع الأمني في مالي لا يزال هشاً، وبدون تدخل حاسم من المجتمع الدولي أو جهود إقليمية فعالة، قد تستمر الهجمات المسلحة في زعزعة استقرار البلاد والمنطقة بأسرها، مما يجعل الحل السياسي بعيد المنال في الوقت الحالي.
تصعيد الأوضاع الأمنية في مالي بعد هجوم باماكو يعكس حجم التحديات التي تواجهها الحكومة في مواجهة الجماعات المسلحة. فشل الحكومة في حماية العاصمة ووقف تمدد هذه الجماعات يثير تساؤلات حول قدرتها على فرض الأمن والاستقرار في البلاد.