أخبار الساحل

هجمات متواصلة في بوركينا فاسو: هل أصبحت القرى ساحة مفتوحة للإرهاب؟

في تصاعد مستمر لأعمال العنف في بوركينا فاسو، يشهد إقليم كولبيلوغو، الواقع في منطقة الوسط الشرقي، سلسلة من الهجمات المتتالية التي يشنها تنظيم “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” (JNIM). فمنذ أكثر من أسبوع، تتعرض القرى المحلية يوميًا لعمليات عنف مستمرة، حيث أصبحت الهجمات شبه يومية، مما خلق حالة من الخوف وعدم الاستقرار بين السكان.

بدأت دوامة العنف في بلدة يارغاتينغا في 25 أغسطس 2024، وسرعان ما انتشرت إلى قرى أخرى مثل ويدوغو، سينغين، وسنغا في اليوم التالي، أي في 26 أغسطس 2024. وفي 29 أغسطس، كان الدور على قرية ساليمبوري، ثم تلتها يوند في 30 أغسطس، وأخيرًا ساوينغا في 3 سبتمبر 2024.

تسببت هذه الهجمات في مقتل ما لا يقل عن 10 من عناصر “متطوعي الدفاع عن الوطن” (VDP)، بالإضافة إلى ضحايا مدنيين في عدة قرى، حيث قتل في يوند وحدها 10 أشخاص، من بينهم ستة أفراد من العائلة الملكية. ولم تقتصر الخسائر على الأرواح، بل تم تخريب الممتلكات وسرقة مخازن الحبوب ونهب الثروة الحيوانية.

خلال مراسم تأبين الضحايا في يوند في 31 أغسطس 2024، خرج السكان في مظاهرات حاشدة للتعبير عن استيائهم العميق من تدهور الأوضاع الأمنية. كما أعربوا عن غضبهم من نقص الدعم المقدم للـ “متطوعين” الذين يفتقرون إلى المعدات اللازمة لأداء مهامهم في تأمين القرى والحد من انتشار الجماعات المسلحة، حيث يعتمدون بشكل كامل على قدراتهم المحدودة بدون أي تعزيزات من الجيش الوطني.

هذه الأوضاع المتدهورة دفعت السكان إلى الفرار من منازلهم بحثًا عن الأمان في مناطق أكثر هدوءًا، وهو ما أدى إلى إخلاء الأراضي الزراعية وترك المحاصيل دون جنيها. وعلى الرغم من الظروف الزراعية الجيدة هذا الموسم، إلا أن الهجمات تهدد بإفشال موسم الحصاد الذي كان يُتوقع أن يكون وفيرًا.

ومن الجدير بالذكر أن هذه الهجمات قد استفادت من عدة عوامل، منها انعدام شبكات الاتصالات في المناطق المتضررة، واعتماد القرويين على أنفسهم في الدفاع بدون دعم خارجي. وقد أدى ذلك إلى تفاقم الأزمة الأمنية، حيث تقترب الهجمات من الحدود مع توغو وغانا المجاورتين، مهددة بانتشار العنف إلى هذه الدول.

إضافة إلى ذلك، تواجه الطريق الوطنية RN16 خطرًا متزايدًا بأن تصبح هدفًا جديدًا للجماعات الإرهابية، التي تتميز بقدرتها على الحركة السريعة والانتقال بين المناطق.

إن هذا التصعيد المستمر للعنف في بوركينا فاسو لا يشكل فقط تهديدًا لأمن البلاد، بل يحمل أيضًا تداعيات خطيرة على المستوى الإقليمي، حيث يمكن أن يؤدي إلى زعزعة استقرار الدول المجاورة وتفاقم أزمة اللاجئين في المنطقة.

x

صحفي مستقل

أنا صحفي مستقل متخصص في تغطية الأحداث والقضايا الاجتماعية والسياسية في دول الساحل وأزواد. أركز على تسليط الضوء على التحديات الأمنية، حقوق الإنسان، والتنمية الاقتصادية في المنطقة. أسعى لتقديم تقارير موضوعية تعكس صوت المجتمعات المحلية وتساهم في زيادة الوعي الدولي حول القضايا الملحة التي تواجهها هذه المناطق. من خلال استخدام وسائل الإعلام التقليدية والرقمية، أعمل على توثيق التجارب الإنسانية وتعزيز الحوار حول الحلول المستدامة.

مقالات ذات صلة

اترك رد

error: Content is protected !!