أخبار أزواد

بلال أغ الشريف: الصراع في أزواد لم ينتهِ والتصعيد العسكري مسألة وقت

في خطاب ألقاه بلال أغ الشريف، الأمين العام للحركة الوطنية لتحرير أزواد والرئيس الدوري للإطار الاستراتيجي الدائم للدفاع عن الشعب الأزوادي،  خلال استضافته بواسطة قناة الاخبار 24 المحلية ، قدم مجموعة من الرسائل الحاسمة التي تعكس الوضع الحرج والمضطرب في منطقة أزواد. هذا الخطاب جاء في توقيت حساس تشهده المنطقة، حيث تتصاعد التوترات بين الحركات الأزوادية والحكومة المالية، في ظل حالة من عدم الاستقرار المتفاقم وتجاهل العديد من الأطراف الدولية للتطورات على الأرض.

في بداية خطابه، أكد بلال أغ الشريف أن الصراع في أزواد ما زال في بداياته، مشيرًا إلى أن احتلال مدينة كيدال لا يعني نهاية الحرب. بل بالعكس، أوضح أن استعادة المدينة جاءت نتيجة لتدخل “قوى دولية معروفة”، وليس بسبب نجاحات الجيش المالي. هذا التصريح يسلط الضوء على اعتقاد الحركات الأزوادية بأن الموقف العسكري المالي ضعيف بدون دعم خارجي، وأن الصراع مستمر ولم يُحسم بعد.

واستمر أغ الشريف في توجيه انتقادات حادة للوساطة الدولية، وخاصة لعدم قيامها بالضغط الكافي على الحكومة المالية للالتزام بتنفيذ بنود اتفاقية الجزائر. من وجهة نظره، الحركات الأزوادية لم تنسحب من الاتفاقية، ولكن الحكومة المالية هي التي تخلت عنها من خلال عدم الوفاء بتعهداتها. هذا الموقف يعكس التوتر القائم بين الأطراف الموقعة على الاتفاقية، كما يكشف عن شعور الأزواد بالإحباط من المجتمع الدولي الذي يعتبرونه متواطئاً أو غير مبالٍ بمعاناتهم.

أغ الشريف ركز أيضًا على نقطة الوحدة الشعبية في المنطقة، مؤكدًا أن الشعوب الأمازيغية والعربية في أزواد موحدة، ولا توجد خلافات داخلية كما تحاول بعض الأطراف تصويرها. هذا التأكيد يهدف إلى دحض الشائعات والتقارير التي تشير إلى وجود انقسامات داخل الحركات الأزوادية، وهو بمثابة رسالة قوية بأن الحركة الوطنية لتحرير أزواد ما زالت متماسكة وقادرة على قيادة الصراع.

وفي خطابه، شدد بلال أغ الشريف على حق الأزواد في الدفاع عن أنفسهم ضد أي عدوان، موضحاً أن التصعيد العسكري بات حتميًا في ظل الظروف الحالية. ومن خلال التأكيد على أن النصر مسألة وقت فقط، بعث برسالة واضحة إلى الحكومة المالية والمجتمع الدولي بأن الحركات الأزوادية مستعدة لمواصلة الكفاح مهما طال الزمن. كما أشار بشكل صريح إلى أن حدود أزواد تقتصر على شمال مالي فقط، في محاولة لطمأنة الدول المجاورة مثل الجزائر والنيجر، بأن الحركات الأزوادية لا تسعى لتوسيع النزاع إلى أراضيها، خلافًا لما يُروج له من بعض الجهات.

يأتي هذا الخطاب في وقت حساس للغاية، حيث تتصاعد التوترات العسكرية والسياسية في منطقة الساحل بشكل عام، وفي أزواد بشكل خاص. من خلاله، يسعى بلال أغ الشريف إلى إرسال إشارات واضحة إلى جميع الأطراف المتدخلة، سواء كانت الحكومة المالية أو الوسطاء الدوليين أو حتى الحركات الأزوادية الداخلية. فالصراع في نظره ليس فقط معركة عسكرية، بل هو أيضًا معركة سياسية ودبلوماسية تتطلب التكاتف بين جميع مكونات الشعب الأزوادي، فضلاً عن الحاجة إلى دعم دولي أكثر فاعلية وإنصافًا.

هذا الخطاب يطرح تساؤلات كبيرة حول مستقبل الصراع في أزواد، ويثير مخاوف من إمكانية تصاعد الأعمال القتالية في الفترة القادمة، خصوصًا في ظل تصريحات أغ الشريف بأن التصعيد قادم لا محالة. كما أنه يضع المجتمع الدولي في موقف حرج، حيث يواجه اتهامات بالتقصير في دوره كوسيط في عملية السلام، مما قد يؤدي إلى استمرار حالة الفوضى وانعدام الاستقرار في المنطقة.

جزء من كلمة الرئيس بلال أغ الشريف

أعزائي المواطنين،

أخاطبكم بامتنان لا حدود له للشجاعة والصمود اللذين تظهرونهما كل يوم في مواجهة الهجمات والظلم الذي يُلقى علينا. لقد جسدتم الكرامة والقوة اللتين تشكلان جوهر نضالنا من أجل أزواد.

يجب أن نفهم أن السلام الحقيقي مستحيل ما دامت قضية أزواد لم تُحل. لا يمكن بناء السلام على تسويات تخون سعيَنا المشروع للاعتراف والعدالة.

الاتفاقات التي أبرمتها بعض الدول والشركات الدولية مع الانقلابيين، دون موافقتنا، لن تؤدي إلا إلى الفشل. هذه الاتفاقات ليست سوى أوهام، غير قادرة على تلبية تطلعاتنا الحقيقية. فهي لا تقدم لا استقرارًا ولا ازدهارًا.

نشعر بقلق عميق إزاء الصمت المتواطئ للدول المجاورة، والاتحاد الإفريقي، ومنظمة التعاون الإسلامي، ومنظمات حقوق الإنسان، وحتى الأمم المتحدة. هذا الصمت تجاه الفظائع التي تُرتكب بحق شعبنا يبدو وكأنه تجاهل لمعاناتنا. ندعو العالم لفتح عينيه على التطهير العرقي المنظم الذي تنفذه الطغمة العسكرية في باماكو ضد شعبنا.

يجب أن نكون واضحين أيضًا: لن يكون هناك سلام طالما ظل هذا النظام في السلطة. من الواضح أن طريقنا الوحيد هو النضال للدفاع عن حقوقنا ووجودنا. تقوم الطغمة الحاكمة في باماكو بتنفيذ مشروع خبيث لتغيير ديموغرافي يهدف إلى محو شعبنا من أرضه. لا يمكننا البقاء سلبيين أمام هذه التهديدات.

أوجه نداءً حارًا إلى جميع الأزوادين – زعماء القبائل، الدينيين، المثقفين، الصحفيين – للالتفاف حول الإطار الاستراتيجي الدائم للدفاع عن الشعب الأزوادي (CSP_DPA). لنوحد جهودنا بإرادة متجددة لحماية شعبنا والحفاظ على كرامتنا.

من العار أن نرى أن راتب مرتزق من مليشيا فاغنر يفوق راتب ضابط رفيع في الجيش المالي. هذه الظلم الفادح يكشف عن عالم يبدو أن اللا إنسانية تهيمن فيه على القيم الأساسية للحقوق والكرامة.

منذ عام 1963 وحتى اليوم، سعت الأنظمة المتعاقبة في مالي إلى سحق شعبنا كلما تعززت قوتها. هذا الظلم المستمر يتطلب منا صمودًا ونضالًا لا يتزعزع للحفاظ على وجودنا وقيمنا.

أزواد ليست مجرد قضية سياسية؛ إنها قضية تاريخية، ولا تحمل أي نوايا توسعية. حدود أزواد تمتد في شمال مالي، وتشمل غاو، تمبكتو، تاودني، كيدال، ومنكا. نبقى متمسكين بتاريخنا وأرضنا.

بإرادة وتصميم، أدعوكم للسير معًا نحو مستقبلنا، مع الحفاظ على كرامتنا والدفاع عن قضيتنا بقوة لا تنكسر.

x

صحفي مستقل

أنا صحفي مستقل متخصص في تغطية الأحداث والقضايا الاجتماعية والسياسية في دول الساحل وأزواد. أركز على تسليط الضوء على التحديات الأمنية، حقوق الإنسان، والتنمية الاقتصادية في المنطقة. أسعى لتقديم تقارير موضوعية تعكس صوت المجتمعات المحلية وتساهم في زيادة الوعي الدولي حول القضايا الملحة التي تواجهها هذه المناطق. من خلال استخدام وسائل الإعلام التقليدية والرقمية، أعمل على توثيق التجارب الإنسانية وتعزيز الحوار حول الحلول المستدامة.

مقالات ذات صلة

اترك رد

error: Content is protected !!