تصاعد وتيرة التحضيرات العسكرية في أزواد: القوات الأزوادية تكثف التدريبات استعداداً لمواجهة حاسمة مع الجيش المالي
في قلب منطقة الساحل التي تعيش اضطرابات مستمرة، تواجه الشعوب الرحل في أزواد تحديات وجودية تعكس تعقيدات المشهد الجيوسياسي للمنطقة. بعد عقود من النضال من أجل الاستقلال والكرامة، يكثف المقاتلون الأزواديون تحضيراتهم لمواجهة عسكرية وشيكة مع القوات المسلحة المالية، والتي باتت مدعومة بمرتزقة من مجموعة فاغنر الروسية. في هذا السياق، أخذ القائد إنكينان أغ الطاهر على عاتقه تنظيم دورات تدريبية مكثفة تستهدف تحسين قدرات مقاتلي الإطار الاستراتيجي الدائم للدفاع عن شعب أزواد (CSP-DPA)، استعداداً للمواجهات القادمة.
تعزيز الوحدة والتماسك عبر التدريب
لا تقتصر هذه الدورات التدريبية على إعداد المقاتلين عسكرياً فقط، بل تتجاوز ذلك لتصبح منصة لتعزيز الوحدة والتماسك بين الأزواديين. يتلقى المقاتلون تدريبات عسكرية واستراتيجية تحت إشراف مقاتلين سابقين وخبراء متمرسين في فنون الحرب، وهو ما يسهم في صقل مهاراتهم ويعزز من استعداداتهم لمواجهة العدو. وفي الوقت ذاته، تعتبر هذه الدورات فرصة لنقل القيم الوطنية والروح النضالية، مما يعزز من وحدة الصف الأزواجي ويدعم أهدافهم المشتركة.
إن السعي لاستقلال أزواد لم يكن مجرد مطلب سياسي، بل هو تجسيد لطموحات شعب بأكمله عاش طويلاً تحت وطأة الانتهاكات والجرائم التي ارتكبها المحتلون. فمنذ استقلال مالي في عام 1960، ارتكبت القوات المسلحة المالية سلسلة من الفظائع بحق الشعب الأزواجي، والتي شملت عمليات اغتصاب وسرقة ونهب واسعة النطاق، وصولاً إلى تسميم الآبار وقتل الماشية بطرق وحشية. هذه الجرائم تركت جروحاً عميقة في نفوس الأزواديين، ولكنها في الوقت ذاته أسهمت في صقل إرادة جماعية للمقاومة والدفاع عن حقوقهم وكرامتهم.
تصاعد التوترات: استعدادات مالية واسعة لمواجهة جديدة
في المقابل، تتصاعد التوترات بشكل ملحوظ على الجانب المالي. في 27 أغسطس 2024، بدأت قافلة عسكرية ضخمة تتألف من مدرعات تابعة للقوات المسلحة المالية ومرتزقة من مجموعة فاغنر الروسية بالتحرك من قواعدها في مدينة غاو، متجهة نحو كيدال. تحمل هذه العملية العسكرية اسم “الانتقام”، وتهدف إلى مواجهة قوات الإطار الاستراتيجي الدائم التي ألحقت هزيمة ساحقة بالقوات المالية ومرتزقة فاغنر في أواخر يوليو 2024. في تلك المعركة، تكبدت قوات فاغنر والجيش المالي خسائر فادحة، حيث قُتل 84 من مرتزقة فاغنر و47 من الجيش المالي، وتم تدمير والاستيلاء على أكثر من 50 مركبة ومدرعة عسكرية.
واعترف الجيش المالي ومرتزقة فاغنر بالهزيمة، وتوعدوا بالانتقام، ما يشير إلى أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة من التصعيد العسكري. تثير هذه التحركات قلقاً متزايداً بين سكان المدن والقرى الواقعة على مسار القافلة العسكرية، حيث من المحتمل أن يتعرضوا لهجمات جانبية أو يكونوا ضحايا للعنف الذي قد يندلع في أي لحظة.
المقاومة الأزوادية: أمل في الاستقلال واستعادة الكرامة
بالنسبة للأزواديين، لا تمثل هذه التدريبات العسكرية مجرد استعدادات لمواجهة جديدة، بل هي خطوة نحو تحقيق حلم الاستقلال واستعادة الكرامة التي حُرمت منها أجيال متعاقبة. يرى المقاتلون الأزواديون في هذه المعركة فرصة أخيرة للدفاع عن هويتهم وحماية أراضيهم من العدوان المالي المدعوم بقوى أجنبية. إن كل دورة تدريبية يشرف عليها القائد إنكينان أغ الطاهر تمثل لبنة في بناء قدرات المقاومة الأزوادية وتعزيز تماسكها، وهي بذلك تعكس إصرار الشعب الأزواجي على المضي قدماً في نضاله رغم التحديات الهائلة التي تواجهه.
مستقبل مجهول ولكن الأمل لا يزال قائماً
لا يزال المستقبل مجهولاً في أزواد، حيث تلوح في الأفق مواجهات قد تكون الأعنف منذ عقود. ولكن على الرغم من كل الصعاب، يبقى الأمل حاضراً في قلوب الأزواديين. فهم يدركون أن نضالهم لا يقتصر على الدفاع عن الأرض فقط، بل هو أيضاً نضال من أجل العدالة والإنصاف لأجيال قادمة تتطلع إلى الحرية والعيش بكرامة.