أزواد: تصاعد التوتر بين الجزائر ومالي وتأثيره على العلاقات مع روسيا
تشهد العلاقات بين الجزائر ومالي تصعيدًا مستمرًا على خلفية التوترات الأمنية والسياسية التي تتفاقم في المنطقة الحدودية بين البلدين.
وعلى الرغم من محاولات الوساطة الروسية لتقريب وجهات النظر، إلا أن الفجوة بين الجزائر وباماكو تتسع، مما يثير تساؤلات حول مستقبل العلاقات بين الجارين وأثر ذلك على الاستقرار الإقليمي.
التحركات الجزائرية: قلق متزايد من التصعيد العسكري
في أواخر يونيو 2024، أبدت الجزائر انزعاجها من النهج العسكري الذي تتبناه القوات المسلحة المالية (FAMa) في شمال مالي، خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع الجماعات المسلحة المنتشرة في تلك المنطقة.
جاء ذلك خلال اجتماع بين الأمين العام لوزارة الخارجية الجزائرية، لونيس مقرمان، ونائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، في موسكو.
الجزائر، التي لطالما اعتبرت الحوار السياسي السبيل الأمثل لحل النزاعات في منطقة الساحل، أعربت عن قلقها من أن التوجه العسكري المالي لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمة، وخلق موجات جديدة من اللاجئين الذين يتدفقون بأعداد كبيرة إلى الأراضي الجزائرية.
تصاعد التوترات الدبلوماسية: أزمة تمثيل ورفض الحوار
لم يقتصر التوتر على الجانب الأمني فقط، بل امتد ليشمل العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
فعلى الرغم من تعيين الجزائر لسفير جديد في مالي منذ أبريل 2024، إلا أن السلطات المالية تأخرت في منحه الاعتماد الرسمي، وهو ما أثار استياء الجزائر ونقلته إلى روسيا خلال اللقاء في موسكو.
هذا التأخير في الاعتماد ورفض السلطات المالية إعادة النظر في موقفها إزاء اتفاق الجزائر لعام 2015 يعكس تعمق الخلافات.
فالجزائر ترى أن باماكو تتعامل معها بتجاهل واستصغار، وهو ما وصفه المتحدث باسم الحكومة المالية، عبد الله مايغا، في وقت سابق، بأن الجزائر تنظر إلى مالي كـ”دولة تابعة” أو “مجرد ساحة خلفية”، في إشارة إلى الاحتقار الذي تشعر به مالي من قبل جارتها.
الوساطة الروسية: مساعٍ خجولة لتقريب الجانبين
في ظل هذا التصعيد، حاولت روسيا لعب دور الوسيط بين الجزائر ومالي، إلا أن جهودها حتى الآن لم تسفر عن نتائج ملموسة.
ففي حين تتطلع موسكو إلى الحفاظ على علاقات جيدة مع كلا البلدين، تبدو غير قادرة على إقناعهما بالعودة إلى طاولة الحوار.
ومع وفاة السفير الروسي في الجزائر، فاليريان شوفايف، في يوليو 2024، تواجه موسكو تحديًا إضافيًا في إيجاد بديل قادر على فهم تعقيدات المنطقة والحفاظ على التوازن في العلاقات مع الأطراف المتنازعة.
في الوقت الذي يتصاعد فيه التوتر بين الجزائر ومالي، تبدو آفاق الحلول السياسية ضيقة، خاصة مع إصرار مالي على التوجه العسكري ورفضها لإعادة إحياء اتفاق الجزائر.
وبينما تستمر الجزائر في التعبير عن مخاوفها واحتجاجاتها عبر القنوات الدبلوماسية، فإن الدور الروسي يبقى محدودًا ما لم تتمكن موسكو من اتخاذ خطوات أكثر فعالية في الوساطة بين البلدين.
سيظل مستقبل العلاقات بين الجزائر ومالي مرهونًا بمدى استعداد الطرفين لتقديم تنازلات وإعادة النظر في مواقفهما المتشددة، وفي الوقت نفسه، ستظل المنطقة تعيش على وقع الاضطرابات الأمنية التي قد تمتد آثارها إلى ما هو أبعد من الحدود الثنائية.