تصاعد التوتر بين الجزائر وروسيا : معركة تينزاوتين في قلب الأزمة.
تشهد العلاقات بين الجزائر وروسيا تصاعدًا في التوتر على خلفية الأحداث الأخيرة في منطقة أزواد، مما يثير تساؤلات حول مستقبل التحالفات الإقليمية في منطقة الساحل والصحراء. في هذا المنشور، سنتناول أسباب هذه الأزمة وتأثير معركة تينزاوتين على تعميق الخلافات بين البلدين.
الأزمة بين الجزائر وروسيا:
تعبر موسكو عن استيائها من الجزائر بسبب عدم تبادل المعلومات الاستخبارية المتعلقة بوجود عملاء مزعومين من أوكرانيا في أزواد. وتزعم روسيا أن الجزائر فتحت مجالها الجوي للطائرات التي نقلت قوات شبه عسكرية أوكرانية إلى أزواد، مما أثار غضب موسكو وزاد من حدة التوترات بين البلدين.
معركة تينزاوتين ودورها في تفاقم الأزمة:
أدى الهجوم الذي شنه الجيش المالي بقيادة مرتزقة فاغنر الروس على مدينة تينزاوتين في أزواد، من 25 إلى 27 يوليو 2024، إلى توتر كبير بين روسيا والجزائر. خلال هذه المعركة، قُتل 84 مقاتلًا روسيًا من قوات فاغنر على يد الأزواديين الذين دافعوا عن مدينتهم بنجاح. تمكن الأزواديون من التصدي للهجوم، وأسروا بعض المرتزقة الروس، كما استولوا على عدد من المركبات المدرعة بعد تدمير البقية.
أدى هذا الفشل الروسي إلى توجيه اتهامات للأزواديين بتنفيذ الهجوم على قوات فاغنر، ما يتنافى مع الحقيقة حيث كان الجيش المالي بقيادة فاغنر هو البادئ بالهجوم. وردًا على هذه الخسارة الفادحة، زعمت موسكو تدخلًا أوكرانيًا في أزواد لتبرير فشلها في السيطرة على تينزاوتين، مما ساهم في تعميق الأزمة بين روسيا والجزائر.
دور أزواد في تعقيد العلاقات الجزائرية الروسية:
العلاقات المتوترة بين الجزائر وروسيا ليست معزولة عن التوترات الأخرى في المنطقة. فقد أدت سياسات الجزائر الإقليمية في أزواد إلى تعكير علاقاتها مع عدة دول أخرى، من بينها:
- دول الساحل: الجزائر تواجه اتهامات بتسليح وإيواء جماعات إرهابية في المنطقة، وخاصة في أزواد. حيث تشير التقارير إلى دعم الجزائر لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين الإرهابية، والتي تنفذ هجماتها ضد دول الساحل بتوجيه من السلطات الجزائرية مما دفع هذه الدول بالتوجه إلى خصوم الجزائر من المغرب و الإمارات للتعاون معها .
- المغرب: العلاقات بين الجزائر والمغرب متوترة منذ توقيع اتفاقيات أبراهام التي عززت التعاون بين المغرب وإسرائيل و استنجدت دول الساحل بالمغرب الخصم التاريخي للجزائر بعد توتر علاقاتها مع الجزائر.
- الإمارات العربية المتحدة: الإمارات واجهت انتقادات من الجزائر لدورها في تعزيز النفوذ الإسرائيلي في إفريقيا.
- ليبيا: الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، المدعوم من روسيا، يعتبر خصمًا للجزائر.
التحولات المحتملة:
يبدو أن المحور الساحلي الموالي لروسيا يتجه نحو تعزيز علاقاته مع المغرب والإمارات العربية المتحدة، بفضل الاستثمارات والمشاريع التي تهدف للوصول إلى المحيط الأطلسي. ومع ذلك، يبقى السؤال: هل سيؤدي هذا التحول إلى إنهاء التحالفات التقليدية الموروثة من فترة الحرب الباردة؟ الإجابة لا تزال غير واضحة نظرًا لتعقيدات المنطقة، وخاصة دور أزواد في هذه المعادلة.
تعكس الأزمة الحالية بين الجزائر وروسيا، وخاصة بعد معركة تينزاوتين في أزواد، تحديات جيوسياسية معقدة في منطقة الساحل والصحراء. هذه التوترات قد تعيد تشكيل التحالفات الإقليمية وتؤثر على استقرار المنطقة.
المصدر : المخابرات العربية